وباطلا كانوا يعملون. ومن بعد ففى هذه القراءة دلالة على جواز تقديم خبر كان عليها، كقولك: قائما كان زيد، وواقفا كان جعفر. ووجه الدلالة من ذلك أنه إنما يجوز وقوع المعمول بحيث يجوز وقوع العامل، و «باطلا» منصوب ب «يعملون»، والموضع إذا ل «يعملون»؛ لوقوع معموله متقدما عليه، فكأنه قال: ويعملون باطلا كانوا. ومثله قول الله تعالى:{أَهؤُلاءِ إِيّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ}؟ استدل أبو علىّ بذلك على جواز تقديم خبر كان عليها؛ لأنّ «إياكم» معمول «يعبدون»، وهو خبر كان. وإنما يجوز وقوع المعمول فيه بحيث يجوز وقوع العامل على ما قدمناه.
وعلى نحو من ذلك ما استدل أبو على على جواز تقديم خبر المبتدأ عليه بقول الشماخ:
كلا يومى طوالة وصل أروى … ظنون آن مطّرح الظّنون
فقال:«كلا» ظرف لقوله: «ظنون»، و «ظنون» خبر المبتدأ الذى هو «وصل أروى»، فدل هذا على جواز تقديم «ظنون» على «وصل أروى» كأنه قال: ظنون فى كلا هذين اليومين وصل أروى، أى: هو متّهم فيهما كليهما. وقد مضى نحو هذا.
***
{فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا}(٣٢) ومن ذلك قراءة ابن عباس بخلاف وأيوب السختيانى: «فأكثرت جدلنا».
قال أبو الفتح: الجدل اسم بمعنى الجدال والمجادلة، وأصل «ج د ل» فى الكلام:
القوة، منه قولهم: غلام جادل: إذا ترعرع وقوى، وركب فلان جديلة رأيه: أى صمم عليه ولم يلن فيه. ومنه الأجدل للصقر، وذلك لشدة خلقه، وعليه بقية الباب. وكذلك