للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو الفتح: قال أبو زيد: نسأت اللبن أنسؤه نسئا، وذلك أن تأخذ حليبا فتصب عليه ماء، واسمه النّسء والنّسئ، وأنشد:

سقونى نسيئا قطّع الماء متنه … يبيل على ظهر الفراش ويعجل

فتأويل هذه القراءة-والله أعلم-يا ليتنى متّ قبل هذا، وكنت كهذا اللبن المخلوط. بالماء فى قلته وصغارة حاله، كما أن قوله: {وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا،} أى: كنت كالشئ المحتقر ينساه أهله، ونزارة أمره.

***

{تُساقِطْ} (٢٥)

ومن ذلك قراءة مسروق: «يساقط» (١)، بالياء خفيفة.

قال أبو الفتح: يساقط هنا بمعنى يسقط، إلا أنه شيئا بعد شئ، وعليه قول ضابئ البرجمىّ:

يساقط عنه روقه ضارياتها … سقاط حديد القين أخول أخولا (٢)

أى يسقط قرن هذا الثور ضاريات كلاب الصيد لطعنه إياها، شيئا بعد شئ.

***

{رُطَباً جَنِيًّا} (٢٥)

ومن ذلك قراءة طلحة (٣): «رطبا جنيّا»، بكسر الجيم (٤).

قال أبو الفتح: أتبع فتحة الجيم من «جنيّا» كسرة النون، وشبه النون وإن لم تكن من حروف الحلق بهن فى نحو صأى الفرخ صئيّا، وفى نحو الشّخير، والنخير، والنّغيق والشّعير، والبعير، والرّغيف. وحكى أبو زيد عنهم: ذلك لمن خاف وعيد الله.

وله فى تشبيهه النون بالحرف الحلقىّ عذر ما؛ وذلك لتفاوتهما، فالنون متعالية، كما أنهن سوافل: فكلّ فى شقّه مضاه لصاحبه، ألا ترى أن أبا العباس قال فى همزة


(١) انظر: (مجمع البيان ٥٠٨/ ٦، العكبرى ٦٢/ ٢، الرازى ٢٠٦/ ٢١).
(٢) نسبه فى لسان العرب لضابئ بن الحارث البرجمى (لسان العرب «خول»، «سقط»). وانظر: (الخصائص ١٣٢/ ٢).
(٣) هو طلحة بن سليمان.
(٤) انظر: (الكشاف ٥٠٧/ ٢، البحر المحيط ١٨٥/ ٦، مجمع البيان ٥٠٨/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>