للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أعاد إليهما معا ضميرا واحدا، وهو الضمير فى «يكن». وساغ ذلك إذ كانت الذيب والغراب فى أكثر الأحوال مصطحبين، فجريا مجرى الشئ الواحد، فعاد الضمير كذلك. ومثله قوله (١):

لمن زحلوقة زلّ … بها العينان تنهل

ولم يقل: تنهلاّن؛ لكونهما كالعضو الواحد. ومثله للفرزدق:

ولو رضيت يداى بها وضنّت … لكان علىّ للقدر الخيار (٢)

ولم يقل: رضيتا.

***

{فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً} (٣٢)

ومن ذلك قراءة الأعرج وأبان بن عثمان «فيطمع الذى»، بكسر العين.

قال أبو الفتح: هو معطوف على قول الله تعالى: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ،} أى: فلا يطمع الذى فى قلبه مرض، فكلاهما منهى عنه، إلا أن النصب أقوى معنى، وأشد إصابة للعذر؛ وذلك أنه إذا نصب كان معناه أن طعمه إنما هو مسبب عن خضوعهن بالقول. فالأصل فى ذلك منهىّ عنه، والمنهىّ مسبّب عن فعلهن، وإذا عطفه كان نهيا لهن وله، وليس فيه دليل على أن الطمع راجع الأصل إليهن، وواقع من أجلهن. وعليه بيت امرئ القيس (٣):


(١) فى هامش الخصائص ٤٢٥/ ٢: من ثلاث أبيات لغضوب: وهى امرأة من رهط ربيعة بن مالك تهجو سبيعا. وانظر: (النوادر ١١٩).
(٢) من قصيدته أولها: ندمت ندامة الكسعى لما غدت منى مطلقة نوار فى الديوان ٢٩٤: ولو رضيت يداى بها وقرت لكان لها على القدر الخيار
(٣) من قصيدته التى مطلعها: ألا عم صباحا أيها الربع وانطق وحدث حديث الركب إن شئت واصدق انظر: (ديوانه ١٣٣). وقد نسبه فى الكتاب ١٠١/ ٢ لعمرو بن عمار الطائى. وينظر: (مجالس ثعلب ٤٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>