للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقلت له صوّب ولا تجهدنّه … فيذرك من أخرى القطاة فتزلق (١)

فهذا نهى بعد نهى، كالقراءة الشاذة.

***

{وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ} (٤٠)

ومن ذلك ما رواه عبد الوهاب عن أبى عمرو: «ولكنّ رسول الله»، نصب (٢).

قال أبو الفتح: «رسول الله» منصوب على اسم «لكنّ»، والخبر محذوف، أى: ولكنّ رسول الله محمد. وعليه قول الفرزدق:

فلو كنت ضبّيّا عرفت قرابتى … ولكنّ زنجيا غليظ المشافر (٣)

أى: ولكنّ زنجيا غليظ المشافر لا يعرف قرابتى، فحذف الخبر لدلالة ما قبله عليه،


(١) فى الديوان ١٣٦: «فيذرك من أعلى القطاة فتزلق». وفى الكتاب: «فيدنك من أخرى القطاة فتزلق». وفى اللسان برواية: «فتزلق» بالرفع وهو تحريف. يقول هذا لغلامه وقد حمله على فرسه ليصيد له: صوب ولا تجهدنه؛ أى: خذ عفوه ولا تحمله على العدو الشديد. يذرك، من أذراه: صرعه. القطاة: عجز الدابة، فتزلق: فلا تثبت فى مكانك.
(٢) وقراءة عبد الوارث. انظر: (الكشاف ٢٦٤/ ٣،٢٦٥، القرطبى ١٩٦/ ١٤، البحر المحيط ٢٣٦/ ٧).
(٣) البيت بهذه القافية فى ديوان الفرزدق ٤٨١، وصواب روايته: «غليظا مشافره» أو غلاظا مشافره. وانظر: (الكتاب ١٣٥/ ٢،١٣٦، شرح شواهد المغنى ٢٣٩، مجالس ثعلب ١٢٧، الإنصاف ١٨٢، المنصف ١٢٩/ ٣، خزانة الأدب ٣٧٨/ ٤، شرح المفصل ٨١/ ٨،٨٢، همع الهوامع ١٣٦/ ١،٢٢٣، الأغانى ٢٤/ ١٩) من قصيدة يهجو بها أيوب بن عيسى الضبى ليست فى ديوانه. نفى نسبته إلى ضبة، وهم بنو أد بن طابخة، والفرزدق تميمى من تميم بن مرة بن أد بن طابخة. وأصل المشفر للبعير، فجعله لشفة الإنسان لما قصد من تشنيع خلقه. والشاهد فيه رفع «زنجى» على أنه خبر «لكن» مع حذف اسمها وتقديره: ولكنك زنجى، ويجوز نصب «زنجيا» على أنه اسمها والخبر محذوف، أى لا يعرف قرابتى. قال سيبويه: والنصب أكثر فى كلام العرب، كأنه قال: ولكن زنجيا عظيم المشافر لا يعرف قرابتى، ولكنه أضمر هذا كما يضمر ما بنى على الابتداء نحو قوله عز وجل: طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ [محمد:٢١]؛ أى طاعة وقول معروف أمثل. . . ورفعه على قوله «ولكن زنجى». انظر: (الكتاب ١٣٦/ ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>