للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو قوله: عرفت قرابتى، كما أن قوله: {ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ} يدل على أنه مخالف لهذا الضرب من الناس، ونحو من ذلك قول طرفة (١):

وتبسم عن ألمى كأنّ منوّرا … تخلّل حرّ الرّمل دعص له ندى (٢)

قال أبو الحسن على بن سليمان: لم يأت لكأن بخبر، علما بمعرفة موضعه، أى: كأن ذلك المنوّر ثغرها، فحذفه للعلم به، ولطول الكلام.

***

{إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ} (٥٠)

ومن ذلك قراءة أبىّ بن كعب والحسن والثقفى وسلاّم: «أن وهبت نفسها للنبىّ» (٣)، بفتح الألف.


(١) من معلقته الشهيرة التى مطلعها: لخولة أطلال ببرقة ثهمد ظللت بها أبكى وأبكى إلى الغد انظر: (شرح القصائد السبع الطول ١٣٢).
(٢) قوله: «وتبسم عن ألمى» معناه تبسم عن ثغر ألمى. يقال: تبسم، وابتسم، وافتر، وانكل، كل ذلك إذا تبسم،. . . يقول: فهذه المرأة إذا حدثت ابتسمت فى خلال حديثها، وهم يمدحون الابتسام ويذمون الضحك، ومعنى قوله: «عن ألمى» عن ثغر ألمى، فحذف الثغر وأقام ألمى مقامه. . . والألمى: الأسمر، أى تبسم عن ثغر أسمر اللثات وهم يمدحون سمرة اللثة، لأنها تبين بياض الأسنان. . .، المنور: الأقحوان الذى قد ظهر نوره، ونوره ونواره: زهره. والأقحوان: نبت طيب الريح يقال: هو خيرىّ البر فشبه بياض الثغر ببياض نور الأقحوان، وقوله: «تخلل حرّ الرمل» معناه توسطه ودخل فيه ونبت فى وسطه، يعنى الأقحوان، فإذا كان كذلك كان أنعم لنبته وزهره. وحرّ الرمل: أكرمه وأحسنه لونا. وحرّ البلاد: أكرمها، وحر المتاع: خياره. ومنه قوله: «فتناولت قيسا بحرّ بلاده». وقال الرستمى: قال أبو محمد التوزى: والحرة: الرطب الأزاذ، سمى حرّة لكرمه. والدعص: كثيب من الرمل، وليس بكثير، وقد يقال: دعصه وقوله: «له ندى» الهاء للمنور، ورواه الأصمعى: «وتبسم عن ألمى يرف منور» قوله: «يرف» معناه: يقطر من نعمته وريه، يقال: رف النبت يرف ويرف بمعنى واحد. وقوله: «ندى» معناه فى أسفله الماء، يقال للذى يندى: ندى فهو ند، والمنور: اسم كأن، وخبر كأن مضمر والتقدير: كأن به منورا، فحذف خبر كأن لأن الاسم نكرة وموضع الخبر معروف. انظر: (شرح القصائد السبع الطوال ١٣٤:١٤٥).
(٣) وقراءة الشعبى. انظر: (الإتحاف ٣٥٦، الطبرى ١٦/ ٢٢، العكبرى ١٠٤/ ٢، النحاس ٦٤٥/ ٢، التبيان ٣٠٩/ ٨، القرطبى ٢٠٩/ ١٤، الكشاف ٢٦٨/ ٣، البحر المحيط ٢٤٢/ ٧، مجمع البيان ٣٦٣/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>