للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو الفتح: تقديره: لأن وهبت نفسها، أى: أنها تحل له من أجل أن وهبت نفسها له، إلا أن حلّ ذلك لذلك عند هبتها نفسها له، وإن هى وهبت نفسها له، وليس يعنى بذلك امرأة بعينها قد كانت وهبت نفسها له، وإنما محصوله أنها إن وهبت امرأة نفسها للنبى صلّى الله عليه وسلّم حلت له من أجل هبتها إياها له عليه السلام، فالحل إذا إنما هو مسبب عن الهبة متى كانت؛ فلهذا لم يعتزم به واحدة معينة قد كانت وهبت نفسها له، ويؤكد ذلك القراءة بالكسر، فصح به الشرط.

***

{بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ} (٥١)

ومن ذلك قراءة أبو إياس جؤيّة بن عائذ: «بما آتيتهنّ كلّهنّ» (١)، بنصب اللام.

قال أبو الفتح: نصبه على أنه توكيد ل‍ «هنّ» من قوله: «آتيتهنّ»، وهو راجع إلى معنى قراءة العامة: {كُلُّهُنَّ،} بضم اللام؛ وذلك أن رضاهن كلّهن بما أوتين كلّهن على انفرادهن واجتماعهن، فالمعنيان إذا واحد، إلا أن الرفع أقوى معنى وذلك أن فيه إصراحا من اللفظ بأن يرضين كلهن، والإصراح فى القراءة الشاذة-أعنى النصب- إنما هو بإيتائهن كلهن، وإن كان محصول الحال فيهما مع التأويل واحدا.

***

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ} (٥٦)

ومن ذلك قراءة الحسن: «يأيّها الذين آمنوا فصلّوا عليه» (٢).

قال أبو الفتح: دخول الفاء إنما هو لما ضمّنه الحديث من معنى الشرط؛ وذلك أنه إنما وجبت عليه الصلاة منا لأن الله «سبحانه» قد صلى عليه، فجرى ذلك مجرى قولهم: قد أعطيتك فخذ، أى: إنما وجب عليك الأخذ من أجل العطية، وإذا قال: قد أعطيتك، خذ فالوقوف على أعطيتك، ثم استأنف الأمر له بالأخذ فهو أعلى معنى، وأقوم قيلا.

وذلك أنه إذا علل الأخذ، فجعله واجبا عن العطية فجائز أن يعارضه المأمور بالأخذ. بأن يقول: قد ثبت أن الأخذ لا يجب بعطيتك، فإن كان أخذى لغير ذلك فعلت. وهو


(١) انظر: (الكشاف ٢٧٠/ ٣، العكبرى ١٠٤/ ٢، البحر المحيط ٢٤٤/ ٧). ووقع فيه أبو إياس حوبة ابن عائذ، والصحيح ما أثبتناه.
(٢) انظر: (مجمع البيان ٣٦٩/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>