للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم تأت قراءة عبد الله هذه لما كان المعنى إلا عليها، فكيف وقد جاءت ناصرة لتفسيرها؟.

***

{لا يُرى إِلاّ مَساكِنُهُمْ} (٢٥)

ومن ذلك قراءة الحسن وأبى رجاء والجحدرى وقتادة وعمرو بن ميمون والسّلمى ومالك بن دينار والأعمش وابن أبى إسحاق، واختلف عن الكل إلا أبا رجاء ومالك ابن دينار: «لا ترى»، بالتاء مضمومة، «إلاّ مساكنهم»، بالرفع (١).

وقرأ الأعمش: «إلا مسكنهم» (٢)، وكذلك يروى عن الثقفى ونصر بن عاصم.

قال أبو الفتح: أما «ترى»، بالتاء ورفع «المساكن» فضعيف فى العربية، والشعر أولى بجوازه من القرآن؛ وذلك أنه من مواضع العموم فى التذكير، فكأنه فى المعنى لا يرى شئ إلا مساكنهم. وإذا كان المعنى هذا كان التذكير لإرادته هو الكلام.

فأما «ترى» فإنه على معاملة الظاهر، والمساكن مؤنثة، فأنث على ذلك. وإنما الصواب ما ضرب إلاّ هند، ولسنا نريد بقولنا: إنه على إضمار أحد وإن هندا بدل من أحد المقدّر هنا، وإنما نريد أن المعنى هذا؛ فلذلك قدمنا أمر التذكير. وعلى التأنيث قال ذو الرمة:

برى النّحز والأجرال ما فى غروضها … فما بقيت إلاّ الصّدور الجراشع (٣)

وهو ضعيف، على ما مضى.

وأما «مسكنهم» فإن شئت قلت: واحد كفى من جماعته، وإن شئت جعلته مصدرا وقدّرت حذف المضاف، أى: لا ترى إلا آثار مسكنهم. فلما كان مصدرا لم يلق لفظ الجمعية به كما قال ذو الرمة:


(١) وقراءة أبى كثير، وعاصم، وميمون، وشعبة، وحماد بن سلمة. انظر: (الإتحاف ٣٩٢، الفراء ٥٥/ ٣، القرطبى ٢٠٧/ ١٦، البحر المحيط ٥٦/ ٨١، النحاس ١٥٧/ ٣، الكشاف ٥٢٤/ ٣، تحبير التيسير ١٧٧، شرح التصريح ٩٨٠/ ١).
(٢) انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٤٠، البحر المحيط ٦٥/ ٨، الكشاف ٥٢٤/ ٣، مجمع البيان ٨٩/ ٩، الإتحاف ٣٩٢).
(٣) سبق الاستشهاد به فى (٢٥٢/ ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>