للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقول عجوز مدرجى متروّحا … على بابها من عند أهلى وما ليا (١)

فالمدرج هنا مصدر، ألا تراه قد نصب الحال؟ ولو كان مكانا لما عمل، كما أن المغار من قوله (٢):

وما هى إلاّ فى إزار وعلقة … مغار ابن همّام على حىّ خثعما (٣)

مصدر أيضا. ألا تراه قد علّق به حرف الجرّ؟ وهذا واضح. وحسن أيضا أن يريد بمسكنهم هنا الجماعة، وإن كان قد جاء بلفظ الواحد؛ وذلك أنه موضع تقليل لهم وذكر العفاء عليهم، فلاق بالموضع ذكر الواحد؛ لقلته عن الجماعة، كما أن قوله سبحانه: {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً} (٤)، أى: أطفالا. وحسن لفظ الواحد هنا؛ لأنه موضع تصغير لشأن الإنسان، وتحقيره لأمره، فلاق به ذكر الواحد لذلك، لقلته عن الجماعة؛ ولأن معناه أيضا نخرج كل واحد منكم طفلا، وقد ذكرنا نحو هذا. وهذا مما إذا سئل الناس عنه قالوا: وضع الواحد موضع الجماعة اتساعا فى اللغة، وأنسوا حفظ المعنى ومقابلة اللفظ به؛ لتقوى دلالته عليه، وتنضم بالشبه إليه.

***

{إِفْكُهُمْ} (٢٨)

ومن ذلك قراءة ابن عباس وأبى عياض وعكرمة (٥) وحنظلة بن النعمان بن مرة:

&


(١) انظر: (ديوانه ٦٥٣).
(٢) نسبه سيبويه فى الكتاب ٢٣٥/ ١ لحميد بن ثور، وليس فى ديوان حميد ولا فى ملحقاته، وقد أثبته الشيخ عبد السلام هارون فى استدراكه على الأستاذ الميمنى ص ١٧٣ نقلا عن هذا الموضع من سيبويه، وهو فى لسان العرب «علق» والكامل ١١٥ بدون نسبة فيهما، لكن نسب فى حواشى الكامل إلى حميد بن ثور، وأنشد قبله: تطول القصار والقصار يطلنها فمن يرها لا ينسها ما تكلما
(٣) الإزار: ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن، والعلقة، بالكسر: ثوب قصير بلا كمين تلبسه الجارية، وقيل: أول ثوب يلبسه المولود. ينعت المرأة بأنها كانت صغيرة السن وقت إغارة ابن همام على هذا الحى من اليمن، وهو خثعم. انظر: (هامش الكتاب ٢٣٥/ ١).
(٤) سورة الحج الآية (٥).
(٥) عكرمة بن عبد الله البربرى المدنى: أبو عبد الله، مولى عبد الله بن عباس: تابعى، كان من أعلم الناس بالتفسير والمغازى. طاف البلدان، وروى عنه زهاء ثلاثمائة رجل، منهم أكثر من سبعين تابعيا. انظر: (تهذيب التهذيب ٢٦٣/ ٧، حلية الأولياء ٣٢٦/ ٣، ذيل المذيل ٩٠، ميزان الاعتدال ٢٠٨/ ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>