للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأخذه بعض المولّدين فقال فى صفة باز أو شاهين:

مبارك إذا رأى فقد رزق

وما أوسعه! وأصله لامرئ القيس فى وصف الفرس:

إذا ما غدونا قال ولدان أهلنا … تعالوا إلى أن يأتى الصّيد نحطب (١)

***

{لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ} (٥٨)

ومن ذلك قراءة طلحة: «ليس لها ممّا يدعون من دون الله كاشفة وهى على الظالمين ساءت الغاشية» (٢).

قال أبو الفتح: هذه القراءة تدل على أن المراد بقراءة الجماعة: {لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ} -حذف مضاف بعد مضاف. ألا ترى أن تقديره: ليس لها من جزاء عبادة معبود دون الله كاشفة؟ فالعبادة على هذا مصدر مضاف إلى المفعول، كقوله: {بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ،} و {لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ،} ثم حذف المضاف الأول، فصار تقديره: ليس لها من عبادة معبود دون الله كاشفة، ثم حذف المضاف الثانى الذى هو «عبادة»، فصار تقديره: ليس لها من معبود دون الله كاشفة، ثم حذف المضاف الثالث، فصار إلى قوله: {لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ}.

وهذا على تقديرك «دون الله» اسما هنا، لا ظرفا؛ لأن الإضافة إليه تسلبه معنى الظرفية التى فيه، كقولهم:

يا سارق الليلة أهل الدار (٣)

وتلك عادة سيبويه إذا أراد تجريد الظرف من معنى الظرفية، فإنه يمثّله بالإضافة إليه، وذلك مما ينافى تقدير حرف معه؛ لأن حرف الجر يسقط، فلا يعترض بين المضاف والمضاف إليه.

ولا تستنكر كثرة المضافات المحذوفة هناك، فإن المعنى إذا دلّ على شئ وقبله القياس أمضى على ذلك ولم يستوحش منه، ألا ترى إلى قول الله سبحانه: {فَقَبَضْتُ}


(١) لم نعثر عليه فى ديوانه.
(٢) انظر: (الكشاف ٣٥/ ٤).
(٣) انظر: (الكتاب ١٧٥/ ١،١٩٣، خزانة الأدب ٤٨٥/ ١، أمالى ابن الشجرى ٢٥٠/ ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>