وهذه - بلغة عصركم - غاية الحرية، والديمقراطية، وهي - في الوقت نفسه - إقرار لحرية البحث، وجواز الشبهة، والرفق في علاجها.
وذلك حسبكم، إن كنتم تريدون الحق مجردًا.
إنها (الدولة) ذاتها، تقوم بهذه الرعاية، ولو شاءت لقتلت، ولكنها سنة الإسلام، في طريق السلام!!
* * *
[٢٩ - هل الارتداد حرية رأي حقا؟]
إذ تبين أن الإسلام علم، وأن العلم مطابقة للواقع، ومع هذه المطابقة لا بد من إقامة الدليل، التي بدونها لا يكون علما - إن كان ذلك فمن المحال أن يكون الخروج عن الإسلام (رأيا) ، وإنما يكون خروجا عن الدولة بكل نظامها الأساسي، من شخص لا يرى إلا أنه غير منسجم وهذا النظام، أو له عداء له، فهو يلتمس معابته، والطعن فيه.
ومن الناس من يعيب الحَسَن بحُسْنه، وينقص الكامل بكماله، ويأخذ الفاضل
بفضله.
فكيف يعتذر من حسناته سيآته، ومحامده معايبه؟!
وعندئذ لا يكون (خروجه) رأيا، بل يكون هدما للحق، ونقضا لدولته، وزعزعة لأمنها!
فمن الملوم؟
الهادم الذي استدعى العقوبة لنفسه.
أم (المحافظ) على كيان الأمة؟!
* * *
٣ - لو أن هذا (الخارجي) قصر خروجه على نيته، فلا حرج عليه، فالإسلام لا يحاسب الناس على نياتهم.
ولو أنه قصر ضرره على نفسه لجاز للحاكم ألا يقيم عليه الحد؛ إذ الحد يقام
لمصلحة الأمة، ومنع الضرر عنها، فما دام لا ضرر من المرتد على الأمة، جاز للحاكم إرجاؤه مع مداومة حواره واستتابته، لمصلحته هو.