شاهد وشاهد.
* * *
[١٠ - أما مسألة شهادة المرأة:]
الزعم بأن شهادة المرأة مطلقا على النصف من شهادة الرجل مطلقا إطلاق غير سديد، وغير مطابق للحق، وغير علمي.
أما أنه غير سديد فإن من حالات القضاء ما تقدم فيه شهادة المرأة، وذلك في كل ما هو من شئون النساء.
وأما أنه مطابق للحق فإن المرأة الواحدة إذا شهدت، وظهر الحق بشهادتها فلم يقل الإسلام بأن شهادتها تردّ، وقد فرَّق الرسول - صلى الله عليه وسلم - بين زوجين لشهادة أمة سوداء أنها أرضعتهما.
وقال أبو داود في سننه: باب إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد يجوز له أن يحكم به.
وفي المقابل ترد شهادة الرجل إذا كان موضع ريبة، أو عدم ضبط، كما نهى
الرسول عن قبول شهادة البدوي على أهل الأمصار.
وأما أنه غير علمي فلأن جعل شهادة المرأة على النصف من الرجل فإنما هو في
(التوثيق والتحمل) وليس في الأداء، التوثيق في مسائل المال والاقتصاد.
وقد تقدم تحقيق علم النفس تفوق البنين على البنات في مسائل الحساب والرياضيات، وكذلك في القدرات الميكانيكية.
ومع ذلك قال الإمام ابن تيمية: القرآن لم يذكر
الشاهدين، والرجل والمرأتين في طرق حكم القاضي التي يحكم بها، وإنما ذكرها في الطرق التي يحفظ بها الإنسان حقه وما تحفظ به الحقوق شيء، وما يحكم به الحاكم شيء، فإن طرق الحكم أوسع من الرجلين والمرأتين. فالمسائل المالية والاقتصادية ليست من طبيعة المرأة، فوعيها لها لا يكون كوعي الرجل.
فالحكم منوط بطبيعة الشاهد؛ لذلك ردّ شهادة البدوي على الحضري.
فلما كانت مسائل المال ليست من شأنها جعل توثيقها برجل وامرأتين.
وهذا يتضمن نوعا من التكريم.
لم يحظ به (الرجل البدوي) فإنه لم يرفض شهادة الواحدة، بل استوثق لها
باستشهاد أخرى معها..
وذلك كما خفف عنها عبء القتال، ولكنه لم يمنعها من حضوره والمشاركة فيه، فإن حضرته كان جزاؤها كجزاء الرجل سواء بسواء.