للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٩ - لقد رأيت في نيويورك كتابا بعنوان (يمكنكم أن تحيوا إلى الأبد) مطبوع في نيويورك، وطبع بستين لغة، وطبع منه ثمانية عشر مليون نسخة.

حاول هذا الكتاب تأويل نصوص الخلود الأبدي في النار، التي تقدمت بعض نصوصها، تأويلا يخرجها عن ظاهرها الواضح والقاطع في دلالته.

فإن رفضتم تأويله، وتمسكتم بظاهر هذه النصوص المتعددة، في كتبكم المتعددة سقط اعتراضكم على القرآن، أو لزمكم الاعتراض، أيضا، على كتابكم، ويكون هذا انفلاتا من الأديان.

وإن تمسكتم بتأويله لزمكم قبول تأويل بعض علمائنا بفناء النار، المؤسس على براهين علمية، ليس عندكم معشارها.

وهنا أيضا، يسقط اعتراضكم، ففي الحالين كلتيهما

اعتراضكم ساقط.

* * *

[١٠ - فقه الخلود في القرآن:]

يتم لهذه المسألة فقهها أن نتأمل آيات القرآن في العذاب والنعيم

يقول اللَّه (١١/ ١٠٥ - ١٠٨) : (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (١٠٥) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (١٠٦) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٠٧) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (١٠٨) .

فبين في أهل الجنة مشيئته بأن عطاءها غير ممنوع ولا مقطوع.

أما مشيئته في أهل النار فلم يبينها؛ لذلك تأولها العلماء بنحو عشرين وجها، ذكرها ابن جرير في تفسيره.

منها أنه شرط خلودهم بدوام السموات والأرض، وهما غير دائمتين بل يبدلهما اللَّه، كما قال في سورة إبراهيم: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ)

والشرط إذا عدم عدم المشروط، فيكون عذاب النار غير دائم، بل ينقطع؛ لذلك قال ابن عباس: بين لنا مشيئته في أهل الجنة، ولم يبين لنا مشيئته في أهل النار.

<<  <   >  >>