نحو سبعة عشر شهرًا، كانوا يتوجهون خلالها نحو بيت المقدس.
* * *
[٤٣ - أما مسألة اختلاف علماء المسلمين:]
اتخاذ هذه المسألة وسيلة للطعن من عجائب هؤلاء القوم! وهي من باب. العيب بالمحاسن، والتعيير بالفضائل، كما أنها من باب رؤية القشّة فىِ عين غيرك، وعدم رؤية الخشبة في عينك، على حلّه تعبير كتابكم (المقدس) .
لقد قدمت لكم أمثلة، مجرد أمثلة لاختلافات كتابكم المقدس مما يستحيل معه أن يكون وحيا من الله.
أما المسلمون فقد حمى اللَّه كتابهم من هذ الشين، وقد وعد اللَّه بذلك في قوله:(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) .
وصدَّق الزمان هذا الوعد، فلم يتغير في القرآن حرفٌ واحد.
أما اختلاف علماء المسلمين فليس اختلافا في (العقائد) وأصول الإسلام، وإنما هو اختلاف في فروع الأحكام العملية وكان ذلك من سماحة الإسلام ويسره، ومن وجوه التخفيف على المسلمين.
ولم يكن اختلاف علماء المسلمين اختلاف تناقض، على نحو ما هو عندكم في
كتابكم، وإنما هو اختلاف تنوع، يعطي وجوها متعددة، وكيفيات متعددة لأداء العمل، مما ييسر على المسلم أداء عمله العبادي، والتعاملي.
وكان لذلك أسباب علمية، قامت على منهج علمي.
فمن العلماء من منهجه: ماذا قال؟ فهو يبحث عن منطوق النص الوارد عق الله وعن رسوله.
ومن العلماء من منهجه: ماذا أراد؟ فهو يبحث عما وراء منطوق اللفظ. وهؤلاء وهؤلاء إنما كان همهم وكل قصدهم الوصول إلى الحق، والعلم المطابق لمراد اللَّه، ومراد رسوله ولذلك نقل عن الإمام الشافعي قوله:
"إن صح الحديث فهو مذهبي، واضربوا بقولي عرض الحائط ".