حسن أن يتلاقى ذوو الفكر والرأي، ومن مأثور أدب اللغة العربية قولهم: مذاكرة الرجال تلقيح للألباب، ولا شك أن احتكاك الفكر بالفكر يولد الحقيقة، كما يولد الشرر احتكاكُ الحجر بالحجر.
وأحسن التقاء لذوي الفكر التقاء ذوي الفكر من ذوى الأديان، فعنده تجتمع
الحسنيان، وتلتقي الفضيلتان، وتتقارب القوتان.
قوة العقل، وقوة الدين، أو الفطرتان: فطرة التفكر، وفطرة التدين.
وفي تعاونها سلامة الدنيا، وسعادة الإنسان.
وتلك غاية، كثر ضلال (العقل) عن سبيلها، عندما نبذ - باسم التقدم - الدين والتدين!!
حسن، إذاً أن نلتقي لنتعارف، وليعرف كل منا ما عند الآخر، ولنتعاون على البر والتقوى، كما أرشد إليه القرآن الكريم، وعلى الحق والخير، كما هو رسالة الإسلام، في زمن تعاون كثير من أهله على الإثم والعدوان وعلى ظلم الإنسان، وهضم حقوقه، وبَعُد فيه البشر، من أصحاب القوة، شوطا بعيدا عن هدى السماء، فضاعت في حُمَّى الأهواء فكرة الإنسانية الجامعة، التي هي أحد مقاصد الإسلام.
حسن أن نلتقي في ساحة الفكر، وإن تناءت الأجسام، وحسن أن نلتقي على هذا السمو، وليس لقاء الطعن في دين، والإصغار لأهل هذا الدين!!
نحن لا نعلم كتابا سماويا شرع جدال المخالف في الدين، ووضع الجدال منهجا يقوم على أرفع القيم، وأنبل المقاصد كما فعل القرآن الكريم، الذي رفع مجال الجدال إلى مستوى الملأ الأعلى إذ يختصمون!
فالقرآن، في مواضع متعددة، يحكى سؤال الملائكة اللَّه - تَعَالَى - عن الحكمة من خلق هذا النوع: الإنسان، واختصاصه بالخلافة في الأرض، على ما في طبيعته من الإفساد في الأرض، وما فيها من سفك الدماء.