على نحو ما بينا آنفا، وسنبينه لاحقا، حتى شاع فيها أن الدين، في حقيقته ما هو إلا مناقض للعقل، وأن محض الإيمان إنما هو التسليم للدين وإن ناقض العقل.
وعلى هذا الأساس (غير المعقول) كان موقف الكنيسة من العلم المادي، الكاشف عن قوانين الكون.
ذاك الموقف الرافض بل المكفر، مما أدى بكثير من علماء الكون
إلى الإعدام حرقا بالنار، على حين كان العلماء، في دولة الإسلام موضع التجلّة والإكرام، حتى وإن كانوا غير مسلمين، وكان العلماء من كل ملة في مجلس الخلفاء والسلاطين قعوذا تكريما وتجلّة، والوزراء والكبراء فى هذا المجلس من قيام!!
وبينما يقول بولس في رسالته إلى أهل كورنثوس ص ١:
"لأنه مكتوب سأبيد حكمة الحكماء، وأرفض فهم الفُهماء..
اليهود يسألون آية، واليونان يطلبون حكمة، ولكنا نحن نكرز بالمسيح مصلوبا لليهود عثرة، ولليونان جهالة".
بينما هو سيبيد حكمة الحكماء، ويرفض فهم الفهماء، يمتدح القرآن (الحكمة) ويجعلها منَّةً من منن الله (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٦٩) .
يقول (تشالز وطس) في كتابه: (أضرار تعليم التوراة والإنجيل)
جاء في التوراة:
الحكمة هي الأصل فخذوها".
ثم جاء فيها: "بالحكمة الكثيرة كرب عظيم، ومن يكثر الحكمة يكثر حزنه". ثم ورد فيها: "حكمة العالم جهل ".
وبعد، تسألوننا: وهل يُعقل، وهل يعقل؟
أما كان الأجدر بكم أن تعودوا إِلى ما قرره كتابكم من الوعد (الإلهي) بتدمير عقل العاقل وحكمة الحكيم، والاكتفاء (بالإيمان بالمسيح المصلوب) ؟!!
اذكروا مثلنا العرفي: رمتني بدائها وانسلّت!!
* * *
[١٦ - موقف المسيحية من السعي للمعاش؟]
سعي الإنسان لكسب رزقه أمر غريزي، بل هو غريزة كل الكائنات الحية، دون