- ثم اعتبار هذا الاختلاف سنة دائمة من سنن اللَّه في الخلق والناس، وأن الراغب في محو الاختلاف إنما هو خارج عن سنة اللَّه الماضية.
* * *
[١١ - السؤال الآن:]
هل أنتم - الذين أرسلتم هذه الطعون والشبهات - هل التزمتم بهذا المنهج الإسلامي، وكنتم طالبي حق، باحثين عن حقيقة؟
هل عرضتم شبهاتكم عرض المحايد، الذي تجرد من هواه؟
هل افترضتم - مجرد فرض - أنكم قد تكونون على غير هدى وصواب؟
ثم - من قبل كل هذا - هل نظرتم إلى ما أنتم عليه من دين واعتقاد نظرة ناقد، كما نظرتم إلى الإسلام وكتابه ونبيه تلك النظرة الطاعنة الهادمة؟
أم أنتم ممن قال اللَّهُ فيهم: (وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ)
وعلى هذا لا عائدة من جدالكم ومحاورتكم والردّ على ما أثرتم، لأنكم تضلون عن علم، وتشبّهون عن هوى.
- لقد علمنا القرآن كيف نتصرف مع من يكون كذلك في قوله - تَعَالَى -: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩) .
وهي معلم آخر من معالم حضارة الإسلام الفكرية، والخلقية.
ولو أخذنا بهذا المعلم الحضاري، لأعرضنا عنكم؛ لروح التحدّي، وقصد الطعن والإصغار، والسخرية في أسئلتكم، وروح الباحث عن المساوي.
وتلك روح لا يهتدي صاحبها إلى حق أو صواب، ولا يأنس
بحق، وإنما عقله وإدراكه على حسب هواه، وعلى مقدار هواه!!
ولكننا نفترض غير ما توحيه أسئلتكم، نفترض غير الواقع، ونحمل أنفسنا على حسن الظن، عسى أن يكون منكم ذو بصر وبصيرة، تزول عنه الغشاوة، وعن قلبه الغمة.
ثم إبراءً لذمتنا أمام اللَّه، ومعذرة إليه، ولعل منكم من يتقي اللَّه في الحق
والإسلام، ثم لإبلاغ الحق والهدى (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) و (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (٤٢) .