ولا يغني عنه، في بحثه: الجهل، أو التقليد، أو الغفلة، أو
الظن، أوالشك، أو التخيّل، أو الأماني.
فتلك كلها مناهج، في الاعتقاد، رفضها القرآن.
فإن أدرك الباحثُ، في بحثه، اليقينَ، فهو المهتدي، وإلا فهو معذور.
* * *
[انتبهوا من فضلكم]
إنني أقرر أمرا مهما، قرره بعض علماء الإسلام: ذاك أن الباحث عن الحق في الأديان، وعن الحقيقة، في الكون، إذا مات قبل أن يهتدي إلى ما يريد فإنه عند اللَّه معذور، بمعنى أنه لا يحاسبه على عدم إسلامه، وأنه، بذلك العذر، لا يعذبه عذاب الكافرين!!.
نقل الإمام الغزالي في كتابه (المستصفى) عن الجاحظ: أن من نظر من اليهود
والنصارى، والدهرية، فعجز عن درك الحق فهو معذور غير آثم، وإن لم ينظر، من حيث لم يعرف وجوب النظر، فهو أيضا معذور، وإنما الآثم المعذب هو المعاند فقط.
والإمام الغزالي نفسه يقول في رسالته (فيصل التفرقة) ما خلاصته: إن رحمة اللَّه تشمل كثيرا من الأم السالفة، وإن كثيرا من نصارى الروم والترك في هذا الزمان (زمان الإمام الغزالي) تشملهم الرحمة، وهم الذين لم تبلغهم الدعوة، أو بلغتهم على حال لا تشجع على النظر فيها والبحث عن حقيقتها!
قلت: والذين يدرسون واقع كثير من أهل الغرب اليوم يجدون صدق ما قال
الغزالي عن أهل زمانه، فمنهم من لا يعرف عن الإسلام شيئا، ومنهم من لا يعرفه إلا أنه دين سبب التأخر لأهله، وأنه مجرد تحريف للكِاثوليكية!!
وفي شروح (العقيدة النسفية: قال العنبري والجاحظ: قالا: دوام العذاب إنما هو في حق الكافر المعاند والمقصِّر، وأما المبالغ في الاجتهاد إذا لم يهتد للإسلام، ولم تلح له دلائل الحق فمعذور.
وفي كتاب الغزالي: (الإملاء على إشكالات - الإحياء) ما خلاصته: قوم لم يعرفوا