٢٠ - هذا تحليل علمي تاريخي يبين تميزّ الإسلام، وصلاحيته لأن يكون نظام حياة، الذي يضبطه قانون، يصلح في: تجرده، وواقعيته، وأخلاقه، ورعايته للمصلحة الإنسانية في عمومها، وما عليه، بعدُ، أن يضع من القوانين ما يحفظ عليه هويته وخاصته ومجتمعه.
ويكون المعترض على قانونه - كالمعترض على حدّ الردة - إنما
يعترض من عدم الفهم لطبيعة الإسلام، ووحدته المزاوجة بين المتقابلات.
لقد اتفق المحدثون من علماء القانون الحديث على وجود مشروعية عليا مستمدة من قيم الأمة ومبادئها.
هذه المشروعية تعلو على نصوص الدساتير والقوانين، ولا تكون
بحاجة إلى النص عليها في دستور، ولا قانون.
هذه المشروعية سابقة على نشأة الدولة وقيامها.
وهي ثابتة والدولة تدول ومن ثم كان مقام هذه الشروعية فوق
مقام الدولة، ومن الفرض على الدولة احترام هذه المشروعية، وأن عليها، فيما تضع من دستور، وما تسنّ من قوانين أن تحمي هذه الشروعية، بل إن من غايات قيام الدولة حماية هذه المشروعية.
من هذه المشروعية العليا أن الأمة الإسلامية أمة ذات رسالة، وأن رسالتها هي إبلاغ الإسلام، وأنها مكلفة بحفظه، كما أنها - ممثلة في دولة - مكلفة بسلامة بناء أمته، في بنائها الاعتقادي، وكيانها التشريعي، والسياسي.
فإذا ما تعرّضت رسالتها، أو بناؤها أو كيانها الاجتماعي، لخطر يأتيها من داخلها أو خارجها - كان من حقها.
بل من واجبها أن تتخذ من الوسائل، ومنها العقوبات، ما يحفظ عليها هويتّها ومقوّماتها.
ولا يلومها على ذلك، إلا ظلوم أو جهول!!
* * *
[٢١ - وحد الردة من هذه السياسة المشروعة لحفظ هذا الكيان.]
والاعتراض عليه جهل بماهية الإسلام، من الذين لا يفهمون (الدين) إلا على أنه: مجرد مثالية أخلاقية، تعلو على الواقع، ولا ينبغي لها أن تنزل إلى طبائع الحياة، وأن تتدنس بطبائع الناس.
وقد تبين لنا أن هذا (الدين المثالي) لا يصلح قانونا للناس لافتقاره إلى ركن: