للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التوحيد، فلما أمروا به نطقوا الشهادتين ظاهرا، وهم على الجهل بما يعتقدون فيها، فمات أحدهم من حينه من قبل أن يأتي منه استفهام، أو تصوّر يمكن أن يكون له معه معتقد، هذا يرجى ألّا تضيق عنه سعة رحمة اللَّه. والحكم عليه بالنار، والخلود فيها مع الكفار تحكمٌ على غيب اللَّه سبحانه.

وقد نقل أستاذنا المرحوم (حمودة غرابة) في رسالته: ابن سينا بين الدين والفلسفة عن فيصل التفرقة للإمام الغزالي قوله: من يطلب الحق، ويجتهد في سبيل الوصول إليه، ثم مات من غير أن يصل فهو أدنى إلى أن يكون معذورا" ص ٢١٤.

وفي جـ ١/ ٦٠ من الإحكام لابن حزم يقول: إن اللَّه - تَعَالَى - لم يأمر قط بشيء من الدين إلا بعد بلوغ الأمر إلى المأمور، وكذلك النهي، فصح أنه لا نذارة إلا بعد بلوغ الشريعة، وأنه لا يكلف أحد ما ليس في وسعه، وليس في وسع أحد أن يعرف شريعة قبل أن تبلغ إليه".

وفي (بدائع الفوائد) لابن القيم: ٤ / ١٦٨: والأحكام تثبت في حق العبد ببلوغه وبلوغها إليه ".

* * *

[١٠ - ثمرة هذا المنهج:]

لا شك أن منهجا يتعلق أحد طرفيه بمخالف في الرأي أو الاعتقاد، ولا شيء ألصق بالنص، وأمكن في القلب - من الاعتقاد الديني - يقوم على هذه المبادئ المكينة في العدل وقيم الأخلاق، إن منهجا كهذا لا بد أن تكون له ثمار طيبة على الحق، ثم على الفريقين المتناظرين ومن تلك الثمار.

- السمو الأخلاقي، والارتفاع بمناهج البحث عن التهاتر.

- والسمو العلمي، إذ يكون العلم منطلق المتحاورين، وليس الهوى، والنظر إلى الذات، والتعصب لها.

- إقرار حرية الرأي، وحرية الاعتقاد، والاعتراف بالتفاوت العقلي، وإقرار مبدأ: أن الناس مختلفون، وأنهم سوف يظلون كذلك.

<<  <   >  >>