للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مع رجاء لفت النظر إلى أن معنى (البرهان) في منهج الاستدلال الإسلامي، معنى فوق معنى (الدليل) ، إذ البرهان هو الحجة القاطعة في موضوعها، والتي لا تقبل النقض، كما لا تقبل أدنى درجة من (الاحتمال) أو الشك.

[٧ - ثانيهما: هي روح الحوار، في جميع مراحله هي:]

ضرورة العلم بموضوع الحوار، وأنه من المرفوض (عقلا) في منهج الإسلام - حوار من لا يعلم موضوع حواره.

قرر الإسلام ذلك في آيات سورة آل عمران: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٦٤) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٦٥) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٦٦) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧) .

تلك سبع قواعد إسلامية في أدب البحث والمناظرة، هي من معالم الحضارة الفكرية الإسلامية.

وهي تكشف عن سبق المسلمين إلى هذا المنهج، وأن غيرهم إنما كان

تابعا لهم. لو وجد منصفين!!

[٨ - من آداب الحوار:]

مع هذه القواعد التي أرساها الإسلام في الحوار - هناك آداب لا بد أن يتحلى بها المتناظرون، في قيامهم وممارستهم عملية الحوار، وهي آداب تضمن - إذا روعيت سير مراحل الحوار في طريق مستقيم، لا تدخل فيها عوامل خارجة عن موضوعه، آداب تخلصه من: التعصب للذات، أو للمذهب على حساب الحق، من هذه الآداب:

١ - أن يكون الحوار حول الفكرة لا المفكر، وفي موضوع الدعوى، وليس الداعي، وأن نتبرأ من الخطأ، ولا نتبرّأ من المخطئ.

ورسول الإسلام - صلى الله عليه وسلم - هو أول من أرسى

هذا الأدب عندما أخطأ خالد بن الوليد في بعض تصرفاته الحربية، فرفع

الرسول - صلى الله عليه وسلم - يديه، وقال اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد".

تبرأ مما فعل، ولم يتبرأ منه.

<<  <   >  >>