للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كتب (واشنجتون إيرفنح) أحد أعلام الكتاب الأمريكيين عن عقيدة الإسلام بأنها عقيدة جبرية.

وهذا من التحامل الذي دفع إليه التعصب المسيحي، فما يقاس أي

كتاب ديني بما في القرآن من حض على العمل والسعي في الأرض، وربط مصيره في الدنيا والآخرة بإيمانه وعمله.

مع الإيمان في كل ذلك بمشيئة اللَّه.

بالله عليكم أترون الإنسان عندما يطيع ويعصي قد أطاع أو عصى قهرًا عن اللَّه؟

الكون فيه النظام والإرادة. والإنسان الفرد جزء من الكون.

وفيه شاهد على المسألة بجانبيها: جانب القدر وجانب الاختيار.

فوجوده، والهيئة التي هو عليها، وأجهزة جسده، ثم الملابسات والأحوال التي تحيط به. . كل ذلك لا حيلة له فيه ولا اختيار.

لكنه مع كل ذلك يدرك بالبداهة أن هناك دائرة هو مختار فيها.

وفي حدودها يعمل ويخطط، ويمدح ويذم، ويعلم ويتعلم..

وكل ذلك إقرار منه بالمسئولية والاختيار.

كما يشهد سليم العقل والحواس من نفسه أنه موجود، ولا يحتاج في ذلك إلى

دليل يهديه، ولا معلم ورشده - كذلك يشهد أنه مدرك لأعماله الاختيارية، يزن نتائجها بعقله، ويقدرها بإرادته، ثم يصدرها بقدرته، ويعد إنكار شيء من ذلك مساويا لإنكار وجوده في مجافاته لبداهة العقل.

وكما يشهد ذلك في نفسه يشهده أيضا في بني نوعه كافة، متى كانوا مثله في سلامة العقل والحواس.

ومع ذلك فقد يريد كسب رزق فيفوته، وربما سعى إلى منجاة فسقط في مهلكة وربما هبت ريح فأغرقت بضاعته، أو نزلت صاعقة فأحرقت زرعه وماشيته. ..

فيتجه من ذلك إلى أن في الكون قدرة أسمى من أن تحيط بها قدرته، وأن وراء

تدبيره سلطانا لا تصل إليه سلطته..

على هذا قامت الشرائع، وبه استقامت التكاليف، ومن أنكر شيئا منه فقد أنكر مكان الإيمان من نفسه وهو عقله الذي شرفه اللَّه بالخطاب في أوامره ونواهيه "

(الإمام محمد عبده في رسالة التوحيد) .

هذا الإدراك الفطري في الإنسان مطابقة أخرى لما في القرآن الكريم:

شواهد من

<<  <   >  >>