للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن علماء المسلمين، قديما، من أفتى بوجوب اتباع الحساب الفلكي، وترك الرؤية إن خالفته، وذلك - في قولهم - لاعتماد الحساب على مقدمات يقينية محسوسة.

فالاعتماد عليه مسألة شرعية، فعلم الفلك كان من علوم الأنبياء، كما أن القرآن منّ به وجعله من آيات اللَّه في الآفاق.

لقد كانت لكم حجة لو قيل إن الإسلام يرفض العلم، وأنى لكم ذلك؟!

٧ - ومنشأ الظاهرة التي ترونها، من اختلاف المسلمين في رؤية هلال رمضان وغيره، إنما يرجع إلى منهجين في فهم نصوص الشريعة، فقوم منهجهم الأخذ بظاهر النص، فهم يبحثون (عمّا قال) وآخرون منهجهم البحث (عما أراد) .

فالأول يقفون عند حد الرؤية البصرية لقول الرسول:

"إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا. يعني تسعا وعشرين، وثلاثين"

وقوله - صلى الله عليه وسلم -:

". . لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه. . ".

أخبر عن العرب أنهم أمة أمية لأن غالبهم لم يكونوا يكتبون ولا يقرأون. وقيل لكل من لا يقرأ ولا يكتب أمي لأنه منسوب إلى أمة العرب وتلك كانت حالهم.

وكذلك لم يكن للعرب مراصد، وكانت معرفتهم عن الفلك تعتمد كلها على الرؤية وملاحظة النجوم.

والشرع لا يكلف بالمستحيل، ولا بما هو فوق الوسع.

فلم يكن مناص من علامة يستطيعونها في حدود قدرتهم وتجاريبهم، للتعرف على وقت ما فرض عليه، فكان ربطه الصوم والفطر بالرؤية الحسية.

وأصحاب منهج (ماذا قال) يرون أن الشارع لم يعتمد الحساب بل ألغاه - في رأيهم - بالكلية بقوله: (نحن أمة أمية لا نحسب ولا نكتب) وبعد أن حضرّ الإسلام العرب، وفتح آفاقهم العقلية على الكون، وتفتحوا على ما عند غيرهم من علوم، استوعبوا كل ذلك، ونبغوا فيه، وكانت لهم نهضتهم في العلوم الكونية. كنهضتهم في علومهم الإسلامية الصرف، وكان من علومهم التطيقية علم الفلك، فقد ازدهر عند علماء المسلمين علما تجريبيا حسيا رياضيا، يعتمد على الملاحظة الحسية،

<<  <   >  >>