والإسلام (علم) مطلق، ليس نسبيا.
فبأي مقياس يجعل النسبي كفوا للمطلق؟
إذا من المستحيل - علما وعقلا - أن تكون الردة عن الإسلام المؤسس على العلم، رأيا سليما، ولن تكون إلا هوى، أو عبثا.
٢٧ - لكن من الحق أن تكون الردة عن (شبهة) لم يستطع صاحبها جلاءها، وهنا يأتي واصا الدولة المسلمة، لا إقامة الحد، بل جلاء الشبهة.
وما دام المشتبه صادق النية، مخلصا للبحث، متطلعا لطلب الحق، فلا بد أن تزول الشبهة، فيرجع إلى الحق..
وقد سجل تاريخ المسلمين أمثلة لذلك، من ذلك:
حوار المأمون مع نصراني أسلم ثم ارتد، فدار بينهما هذا الحوار:
المأمون: لأن أستحييك (أبقى على حياتك) بحق أحب إليَّ من أن أقتلك بحق.
ولأن أقبلك بالبراءة أحب إليَّ من أن أدفعك بالتهمة، فخبرنا عن الشيء الذي أوحشك من الإسلام، فإن وجدت عندنا دواء دائك تعالجت به، وإن أخطأك الشفاء كنت قد أعذرت ولم ترجع على نفسك بلائمة، وتعلم أنك لم تقصر في اجتهاد، ولم تفرط في الحزم.
الموتد: أوحشني كثرة ما رأيت من الاختلاف فيكم.
المأمون: لنا اختلافان: أحدهما: كالاختلاف في الأذان، وتكبير الجنائز، واختلاف وجوه الفتيا، وما أشبه ذلك من فرعيات وليس هذا باختلاف، إنما هو تخيير وتوسعة، وتخفيف.
فمن أخذ بهذا أو ذاك لم يأثم، لا يتعايررن ولا يتعاييون.
وأنت ترى ذلك عيانا، وتشهد عليه تبيانا.
والاختلاف الآخر: كنحو اختلافنا في تأويل الآية من كتابنا، مع إجماعنا على
أصل التنزيل.
فإن كان الذي أوحشك هذا، فقد ينبغي أن يكون اللفظ بجميع
التوراة والإنجيل متفقا على تأويله، كما يكون متفقا على تنزيله، ولا يكون بين