للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِى غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً} . ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَن مَرْيَمَ لَمَّا بَشَّرَهَا جِبْرِيلُ بِالْغُلَامِ الزَّكِيِّ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَتْ: {أَنَّى يَكُونُ لِى غُلَامٌ} أَيْ كَيْفَ أَلِدُ غُلَامًا وَالْحَالُ أَنِّي لَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ، تَعْنِي لَمْ يُجَامِعْنِي زَوْجٌ بِنِكَاحٍ، {وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً} ، أَيْ لَمْ أَكُ زَانِيَةً. وَإِذَا انْتَفَى عَنْهَا مَسِيسُ الرِّجَالِ حَلَالًا وَحَرَامًا فَكَيْفَ تَحْمِلُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ اسْتِفْهَامَهَا اسْتِخْبَارٌ وَاسْتِعْلَامٌ عَنِ الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا حَمْلُ الْغُلَامِ الْمَذْكُورِ، لِأَنَّهَا مَعَ عَدَمِ مَسِيسِ الرِّجَالِ لَمْ تَتَّضِحْ لَهَا الْكَيْفِيَّةُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِفْهَامُهَا تَعَجُّبٌ مِنْ كَمَالِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا عَنْهَا: أَنَّهَا قَالَتْهُ هُنَا ذَكَرَهُ عَنْهَا أَيْضًا فِي سُورَةِ «آلِ عِمْرَانَ» فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِى الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ قَالَتْ رَبِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>