وقد اشتملت الأبواب التي في ذكر نزول عيسى عليه الصلاة والسلام على خمسة وخمسين حديثا مرفوعا، أكثرها صحيح، والباقي غالبه من الحسان، وجاء في ذلك آثار كثيرة عن بعض الصحابة والتابعين، ذكرتها في أول الأبواب وفي أثنائها، ومع هذا؛ فقد أنكر بعض أهل الأهواء والبدع نزوله، وزعموا أنه قد مات، وقد تبعهم على ذلك بعض المشايخ العصريين، والجميع مقلدون لليهود والنصارى الذين يزعمون أن عيسى قد قتل وصلب.
وقد رأيت جوابا لشلتوت أنكر فيه حياة المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وزعم أنه قد مات موتة عادية، وأنكر أن يكون مرفوعا بجسمه إلى السماء، وأنه فيها حي إلى الآن، وأنكر نزوله إلى الأرض في آخر الزمان حكما عدلا، فخالف ما جاء به القرآن وتواترت به الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجمع عليه سلف الأمة وأئمتها.
وقد تقدم ذكر الأدلة من القرآن والسنة على نزول عيسى عليه الصلاة والسلام في آخر الزمان، وسيأتي ذكر الإجماع على ذلك إن شاء الله تعالى.
ثم إن شلتوتا لم يكتف بمخالفة الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع على نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان، بل ضم إلى ذلك الطعن في الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقال:"إنها روايات مضطربة، مختلفة في ألفاظها ومعانيها اختلافا لا مجال معه للجمع بينها"!
كذا قال! وكل من له أدنى علم ومعرفة بالحديث يعلم يقينا أن الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول عيسى عليه الصلاة والسلام متفقة متعاضدة لا اضطراب فيها ولا اختلاف بينها بحمد الله تعالى.