«حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية، ويبقى طوائف من الناس: الشيخ الكبير، والعجوز الكبيرة؛ يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله؛ فنحن نقولها» . قال صلة بن زفر لحذيفة رضي الله عنه: فما تغني عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟! فأعرض عنه حذيفة، فرددها عليه ثلاثا، كل ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة، فقال: يا صلة! تنجيهم من النار.
رواه: ابن ماجه بإسناد صحيح، والحاكم في "مستدركه"، والبيهقي، والحافظ الضياء المقدسي، وقال الحاكم:"صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
قال ابن كثير في "النهاية" في الكلام على هذا الحديث: "هذا دال على أن العلم قد يرفع من الناس في آخر الزمان، حتى القرآن يسرى عليه من المصاحف والصدور، ويبقى الناس بلا علم، وإنما الشيخ الكبير والعجوز المسنة يخبرون أنهم أدركوا الناس وهم يقولون: لا إله إلا الله؛ فهم يقولونها على وجه التقرب إلى الله تعالى؛ فهي نافعة لهم، وإن لم يكن عندهم من العمل الصالح والعلم النافع غيرها.
وقوله: "تنجيهم من النار": يحتمل أن يكون المراد أن تدفع عنهم دخول النار بالكلية، ويكون فرضهم القول المجرد؛ لعدم تكليفهم بالأفعال التي لم يخاطبوا بها، ويحتمل أن يكون المعنى أنها تنجيهم من النار بعد دخولها، وعلى هذا؛ فيحتمل أن يكونوا من المراد بقوله في الحديث:«وعزتي وجلالي لأخرجن من النار من قال يوما من الدهر: لا إله إلا الله» ، ويحتمل أن يكون أولئك قوما آخرين". انتهى.