وقوله، فأرسل إليه، فأنزل عن جذعه، فألقي في قبور اليهود، ثم أرسل إلى أمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، فأبت أن تأتيه، فأعاد عليها الرسول لتأتيني أو لأبعثن إليك من يسحبك بقرونك. قال: فأبت وقالت: والله لا آتيك حتى تبعث إلي من يسحبني بقروني. قال: فقال: أروني سبتي. فأخذ نعليه، ثم انطلق يتوذف حتى دخل عليها، فقال: كيف رأيتني صنعت بعدو الله؟ قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك. بلغني أنك تقول له: يابن ذات النطاقين! أنا والله ذات النطاقين: أما أحدهما؛ فكنت أرفع به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام أبي بكر من الدواب، وأما الآخر؛ فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه. أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن في ثقيف كذابا ومبيرا، فأما الكذاب فرأيناه، وأما المبير فلا إخالك إلا إياه. قال: فقام عنها ولم يراجعها".
رواه مسلم. وقد رواه: الطبراني والحاكم؛ من حديث أبي نوفل بن أبي عقرب العرنجي بنحوه. قال الهيثمي: "ورجال الطبراني رجال الصحيح". ورواه أبو داود الطيالسي في "مسنده" مختصرا، وإسناده صحيح.
وعن أبي الصديق الناجي؛ قال: "لما ظفر الحجاج بابن الزبير فقتله ومثل به، ثم دخل على أم عبد الله، وهي أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، فقالت: كيف تستأذن علي وقد قتلت ابني؟ ! فقال: إن ابنك ألحد في حرم الله فقتلته ملحدا عاصيا، حتى أذاقه الله عذابا أليما، وفعل به وفعل. فقالت: كذبت يا عدو الله وعدو المسلمين! والله لقد قتلته صواما قواما برا بوالديه حافظا لهذا الدين؛ ولئن أفسدت عليه دنياه لقد أفسد عليك آخرتك، «ولقد حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه يخرج من ثقيف كذابان، الآخر منهما أشر من الأول، وهو المبير» ، وما هو إلا أنت يا حجاج ".