أخطأ خطأ كبيرا في تصرفه في الحديث وحذفه منه ما لا يوافق عقله ورأيه، والجملة التي حذفها وقال عنها ما قال هي قوله في الحديث مخبرا عن الحوراء وزوجها:"لا يأتيها من مرة إلا وجدها عذراء؛ ما يفتر ذكره، ولا تشتكي قبلها؛ إلا أنه لا مني ولا منية"، وليس في هذه الجملة ما يخالف أدب الدين وخلق الرسول صلى الله عليه وسلم كما قد توهم ذلك من قل نصيبه من العلم النافع.
وقد قال الله تعالى:{فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} .
قال ابن جرير:"يقول: لم يمسهن إنس قبل هؤلاء الذي وصف جل ثناؤه صفتهم، وهم الذين قال فيهم:{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} ، ولا جان؛ يقال منه: ما طمث هذا البعير حبل قط؛ أي: ما مسه حبل. وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من الكوفيين يقول: الطمث هو النكاح بالتدمية، ويقول: الطمث هو الدم، ويقول: طمثها: إذا دماها بالنكاح، وإنما عنى في هذا الموضع أنه لم يجامعهن إنس قبلهم ولا جان. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل". ثم روى عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله:{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} ؛ يقول:"لم يدمهن إنس ولا جان"، وعن عكرمة؛ قال:"الطمث: هو الجماع". وعن ابن زيد؛ قال:"لم يمسهن شيء إنس ولا غيره".
وعن مجاهد؛ قال:"لم يمسهن". انتهى.
وقال السيوطي في "الدر المنثور": "أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ} ؛ قال: "لم يطأهن". وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عكرمة:{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ} ؛ قال: "لم يجامعهن".
وقال البغوي:{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ} : لم يجامعهن، ولم يفترعهن، وأصله من الدم؛ قيل للحائض: طامث؛ كأنه قال: لم يدمهن بالجماع". انتهى.