وقليل منها في أسانيدها ضعف، وهي تتقوى بالأحاديث الصحيحة، وكلها توافقها نصوص القرآن على إثبات النفخ في الصور، وفيها مع نصوص القرآن أبلغ رد على من نفى النفخ في الصور؛ كأبي عبية ومن نحا نحوه في معارضة النصوص وردها بغير حجة.
فصل
وقد قدح أبو عبية في حديث الصور الطويل الذي تقدم ذكر جملة من أوله.
فقال في (ص٢٥٢) من "النهاية" لابن كثير ما نصه: "هذا الحديث بطوله وتفصيله وأسلوبه بعيد أن يصدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبخاصة أنه تضمن مقاطع من القول أسقطناها؛ لبعدها عن أدب الدين وخلق الرسول عليه السلام، وليس يشفع له ولا يغري بقبوله كثرة رواته ولا تعدد طرقه".
وقال في (ص٢٥٣) : "على رغم ثبوت أسانيد مفرقاته (يعني: حديث الصور) ؛ فإن بعض هذه المفرقات تنفي نفسها عن أن تكون صحيحة النسبة إلى لسان رسول الله عليه أفضل الصلوات.
والجواب عن هذا من وجوه:
أحدها: أن يقال: من تأمل كلام أبي عبية على "النهاية"؛ عرف أنه من أبعد الناس عن معرفة الأحاديث، وأنه إنما يعلق عليها بما يوافق عقله ورأيه، ومن كان هكذا، وكان كلامه في الأحاديث بغير علم؛ فكلامه مردود عليه، ولا يلتفت إلى شيء منه.
يوضح ذلك الوجه الثاني: وهو أن أبا عبية قد تصرف في حديث الصور، فحذف جملة منه، زاعما أنها بعيدة عن أدب الدين وخلق الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد