عن سعيد بن المسيب؛ قال:"وقعت الفتنة الأولى (يعني: مقتل عثمان) فلم تبق من أصحاب بدر أحدا، ثم وقعت الفتنة الثانية (يعني: الحرة) فلم تبق من أصحاب الحديبية أحدا، ثم وقعت الثالثة فلم ترتفع وللناس طباخ".
رواه البخاري تعليقا مجزوما به، ووصله أبو نعيم في "مستخرجه".
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": "أخرج ابن أبي خيثمة هذا الأثر، وفيه: "ولو وقعت الثالثة"، وذكر ابن التين أن مالكا روى عن يحيى بن سعيد الأنصاري؛ قال: "لم تترك الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم إلا يوم قتل عثمان ويوم الحرة" ".
قال الحافظ:"ثم وجدت ما أخرجه الدارقطني في "غرائب مالك " بإسناد صحيح إليه عن يحيى بن سعيد نحو هذا الأثر، وقال في آخره: "وإن وقعت الثالثة لم ترتفع وبالناس طباخ".
وقال الحافظ في قوله: "لم تبق من أصحاب بدر أحدا": "أي أنهم ماتوا منذ قامت الفتنة بمقتل عثمان إلى أن قامت الفتنة الأخرى بوقعة الحرة، وكان آخر من مات من البدريين سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، ومات قبل وقعة الحرة ببضع سنين.
وقوله:"طباخ"؛ بفتح المهملة والموحدة الخفيفة وآخره معجمة؛ أي: قوة. قال الخليل: أصل الطباخ: السمن والقوة، ويستعمل في العقل والخير.
قال حسان رضي الله عنه:
المال يغشى رجالا لا طباخ لهم ... كالسيل يغشى أصول الدندن البالي