للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«فيها العرب، اللسان فيها أشد من السيف، قتلاها جميعًا في النار» .

قوله: "تستنظف العرب ": قال ابن الأثير وابن منظور: "أي: تستوعبهم هلاكا؛ يقال: استنظفت الشيء: إذا أخذته كله، ومنه قولهم: استنظفت الخراج، ولا يقال: نظفته". وقال علي القاري في "المرقاة": "وقيل: أي تطهرهم من الأرذال وأهل الفتن ".

قلت: وهذا قول قوي من حيث الدليل، وإن كان القول الأول أقوى من حيث اللغة.

ويشهد لما قاله القاري ما تقدم في ذكر فتنة الدهيماء: أنها لا تدع أحدًا من هذه الأمة إلا لطمته لطمة. وقال فيها: حتى يصير الناس إلى فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه؛ فهذا يدل على أن فتنة الدهيماء تنظف المؤمنين من أهل الفتن والريب والنفاق، لا أنهم يستأصلون بالكلية، وفتنة الدهيماء هي أعظم فتنة تكون قبل فتنة الدجال.

والدليل على أن الفتن لا تستوعب العرب هلاكا ما رواه: مسلم في "صحيحه"، والترمذي في "جامعه"؛ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: أخبرتني أم شريك أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ليفرن الناس من الدجال في الجبال. قالت أم شريك: يا رسول الله فأين العرب يومئذ؟ قال: "هم قليل» .

قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب".

ويدل على ذلك أيضا ما رواه ابن ماجه في "سننه" عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه في حديثه الطويل في ذكر الدجال، وفيه: «فقالت أم شريك بنت أبي العكر: يا رسول الله! فأين العرب يومئذ؟ قال: هم قليل، وجلهم يومئذ ببيت المقدس، وإمامهم رجل صالح، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم»

<<  <  ج: ص:  >  >>