«الصلاة مئنة من فقه الرجل؛ فأطيلوا الصلاة، وأقصروا الخطبة؛ فإن من البيان سحرًا، وإنه سيأتي بعدكم قوم يطيلون الخطب ويقصرون الصلاة» .
رواه البزار. وروى الطبراني بعضه موقوفًا في "الكبير". قال الهيثمي:"ورجال الموقوف ثقات، وفي رجال البزار قيس بن الربيع؛ وثقه شعبة والثوري وضعفه البخاري ".
قلت: وقد وثقه أيضًا: أبو الوليد الطيالسي، وعفان، وقال ابن عدي:"عامة رواياته مستقيمة، والقول ما قال شعبة، وأنه لا بأس به".
قوله:«مئنة من فقه الرجل» : قال ابن الأثير: "أي: إن ذلك مما يعرف به فقه الرجل، وكل شيء دل على شيء فهو مئنة له؛ كالمخلقة، والمجدرة". قال أبو عبيد:"معناه: أن هذا مما يستدل به على فقه الرجل". انتهى.
وقد ظهر مصداق هذا الحديث في زماننا، فصار كثير من الأئمة يطيلون الخطب يوم الجمعة والعيدين بثرثرة لا طائل تحتها ولا فائدة في كثير منها، وربما مكث بعضهم في خطبته نصف ساعة أو أكثر من ذلك، فإذا قام يصلي؛ لم يمكث في الصلاة إلا خمس دقائق أو نحوها! وهذا خلاف أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإطالة الصلاة وتقصير الخطبة، وخلاف فعله صلى الله عليه وسلم أيضًا.
فأما الأمر بإطالة الصلاة وتقصير الخطبة:
ففيه حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وتقدم ذكره.
وروى: الإمام أحمد، ومسلم، والدارمي؛ عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه؛ فأطيلوا الصلاة، وأقصروا الخطبة، وإن من البيان لسحرًا» .