ولعل المراد بالدابة هي تلك الجراثيم الخطيرة التي تفتك بالإنسان وجسمه وصحته وبأمواله زروعا وثمارا ومواشي؛ جزاء له على بعض ما تجني يداه من إثم ونكر، وقصاصا على بعض تعديه لحدود الله وما شرع لعباده، والجراثيم الضارة الشديدة الخطورة منتشرة في كل مكان، تكاد تغطي مساحة الأرض وتملأ طبقات الجو، وهي تجرح وتقتل، ومن تجريحها وأذاها كلمات واعظة للناس لو كانت لهم قلوب ترجع بهم إلى الله ودينه، وتلزمهم المحجة التي ضلوا عنها وتركوها وراءهم ظهريا، ولسان الحال أبلغ من لسان المقال، وحمل صحاح الأحاديث النبوية وتفسير الآيات القرآنية الكريمة بما يناسب الواقع ويواكب المنطق ويتسق وفطرة الحياة أولى من السبح في أجواء من الخيال".
والجواب أن يقال: قد تقدم عن ابن عباس رضي الله عنهما والحسن وقتادة: أنهم قالوا في الدابة: إنها تكلم الناس كلاما؛ أي: تخاطبهم مخاطبة.
وقال مقاتل: تكلمهم بالعربية. وهذا يرد قول أبي عبية أن تكليم الدابة للإنسان يكون بلسان الحال لا بلسان المقال.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما في رواية: "تكلمهم: تجرحهم؛ بمعنى: تكتب على جبين الكافر كافر، وعلى جبين المؤمن مؤمن". وعنه: "تخاطبهم وتجرحهم". قال ابن كثير: "وهذا القول ينتظم المذهبين، وهو قوي حسن جامع لهما". انتهى.
وأما قوله: "ولعل المراد بالدابة تلك الجراثيم الخطيرة التي تفتك بالإنسان وجسمه وصحته وأمواله ... إلى آخره".
فالجواب عنه من وجوه:
أحدها: أن يقال: إن تأويل الدابة التي تخرج من الأرض في آخر الزمان