العاص رضي الله عنهما في ناحية المسجد الحرام؛ إذ نظر إلى بيت مشرف على أبي قبيس، فقال: أبيت ذاك؟ فقلت: نعم. فقال: إذا رأيت بيوتها (يعني: مكة) قد علت أخشبيها، وفجرت بطونها أنهارًا؛ فقد أزف الأمر".
رواه أبو الوليد الأزرقي في "أخبار مكة"، وفي إسناده مسلم بن خالد الزنجي: وثقه ابن معين، وضعفه أبو داود، وقال ابن عدي: "حسن الحديث"، وقال أبو حاتم: "إمام في الفقه؛ تعرف وتنكر، ليس بذاك القوي، يكتب حديثه ولا يحتج به"، وقال النسائي: "ليس بالقوي". وبقية رجاله رجال الصحيح.
ويشهد لهذا الأثر ما رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن يعلى بن عطاء عن أبيه؛ قال: "كنت آخذًا بلجام دابة عبد الله بن عمرو، فقال: إذا رأيت مكة قد بعجت كظائم، ورأيت البناء يعلو رؤوس الجبال؛ فاعلم أن الأمر قد أظلك".
وقد ظهر مصداق هذا الأثر والحديث قبله في زماننا، فعمرت مكة، وبنيت، واتسعت اتساعًا عظيمًا، وامتلأت بالسكان، وعلت بيوتها على أخشبيها، وأجريت مياه العيون في جميع نواحيها؛ فعلم من هذا أن الأمر قد أزف؛ أي: دنا قيام الساعة وقرب.
وقوله: "بعجت كظائم"؛ أي: حفرت قنوات. ذكره ابن الأثير وابن منظور وغيرهما من أهل اللغة.
باب
ما جاء في عمارة المدينة
«عن سفيان بن أبي زهير رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج معه، حتى إذا بلغ بئر الإهاب؛ زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يوشك البنيان أن يأتي هذا المكان» .