وقد أنكر أبو عبية النفخ في الصور، فقال في تعليقه على "النهاية" لابن كثير في (ص٢٤٣) ما نصه:
"القرن والصور والناقور معناها واحد، وهو البوق، والنفخ في الصور كناية عن إعلان البعث إلى الحياة الثانية، وليس ثمة نقر ولا نفخ، وإنما أريد من ذكر الصور والناقور تمثيل المعنى وتقريبه إلى الأذهان حتى يستقر فيها ولا يغيب عنها؛ لأن إعلان الناس بالحرب يكون عادة بالبوق، ولكون الحروب مملوءة بالأهوال، ولكون يوم القيامة مملوءا بأشد الشدائد وأثقلها؛ ناسب أن تصور الدعوة إلى البعث بالدعوة إلى الحرب، وهذا رأي فريق من علماء المسلمين".
وقال أبو عبية أيضا في (ص٢٤٤) تعليقا على أحاديث النفخ في الصور: "هذه الكلمات ليس عليها رواء النبوة ولا نورها، ولهذا؛ فهي مردودة".
والجواب أن يقال: قد تظاهرت النصوص من الكتاب والسنة على إثبات النفخ في الصور، وقد تقدم ذكرها في هذا الباب، ومنها النص في سورة النمل على نفخة الفزع، والنص في سورة الزمر على نفخة الصعق ونفخة القيام من القبور، والنص في سورة المدثر على النقر في الناقور، ونص النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما الذي رواه مسلم وغيره على نفخة الصعق ونفخة القيام من القبور، وهذا مما يجب الإيمان به، ومن أنكر شيئا من ذلك أو شك فيه؛ فليس بمؤمن.
وقد ذكر الفقهاء في (باب المرتد) أن من جحد آية من كتاب الله تعالى؛ فهو مرتد.
وقال القرطبي: "والقرآن الذي جمعه عثمان رضي الله عنه بموافقة