«التجارة، ويظهر العلم، ويبيع الرجل البيع، فيقول: لا؛ حتى استأمر تاجر بني فلان، ويلتمس في الحي العظيم الكاتب فلا يوجد» .
ورواه الحاكم في "مستدركه"، ولفظه:«إن من أشراط الساعة: أن يفيض المال، ويكثر الجهل، وتظهر الفتن، وتفشو التجارة» .
ثم قال:"هذا صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وإسناده على شرطهما صحيح"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
قوله في رواية النسائي:«ويظهر العلم» ؛ معناه - والله أعلم -: ظهور وسائل العلم، وهي كتبه، وقد ظهرت في هذه الأزمان ظهورًا باهرًا، وانتشرت في جميع أرجاء الأرض، ومع هذا؛ فقد ظهر الجهل في الناس، وقل فيهم العلم النافع، وهو علم الكتاب والسنة والعمل بهما، ولم تغن عنهم كثرة الكتب شيئًا.
وهذا اللفظ موافق لما في حديث أبي الزاهرية الذي تقدم في الباب الذي قبل هذا الباب:«أن الله تعالى قال: أبث العلم في آخر الزمان» ...... الحديث، ويحتمل أنه وقع في هذه اللفظة تحريف من بعض النساخ، وأن أصلها:«ويظهر القلم» ؛ كما جاء في رواية أبي داود الطيالسي، وكما ثبت ذلك في حديث ابن مسعود رضي الله عنه. والله أعلم.
وقوله:«حتى استأمر تاجر بني فلان» ؛ أي: أستشيره، وقد وقع هذا في زماننا، حيث وجدت التلفونات وغيرها مع وسائل نقل الكلام بغاية السرعة، فصار التجار يشاور بعضهم بعضا في البيع من الأماكن القريبة والبعيدة.
وأما قوله:«ويلتمس في الحي العظيم الكاتب؛ فلا يوجد» : فقد وقع مصداقة فيما قبل زماننا؛ فإن الكتاب كانوا قليلًا في القرى، وهم في البادية أقل، وكثير من أحياء البادية لا يوجد فيهم الكاتب.