«فأقعى واستذفر، فقال: عمدت إلى رزق رزقنيه الله عز وجل انتزعته مني! فقال الرجل: تالله؛ إن رأيت كاليوم ذئبا يتكلم! قال الذئب: أعجب من هذا رجل في النخلات بين الحرتين يخبركم بما مضى وبما هو كائن بعدكم! وكان الرجل يهوديا، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلم، وأخبره، فصدقه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إنها أمارة من أمارات بين يدي الساعة، قد أوشك الرجل أن يخرج فلا يرجع حتى تحدثه نعلاه وسوطه ما أحدث أهله بعده» .
رواه الإمام أحمد. قال الهيثمي: "ورجاله ثقات".
وقد علق أبو عبية في (ص٢١٢) من "النهاية" لابن كثير على قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد رضي الله عنه: «لا تقوم الساعة حتى يخرج أحدكم من أهله، فيخبره نعله أو سوطه أو عصاه بما أحدث أهله بعده"، فقال ما نصه: "كناية عن انكشاف الأسرار ورصد القريب والبعيد لها لإذاعتها» .
والجواب أن يقال: هذا تأويل باطل، والحق الذي لا شك فيه أن السباع تكلم الإنس في آخر الزمان كلاما حقيقيا، وكذلك الفخذ وعذبة السوط وشراك النعل؛ فكلها تكلم الناس في آخر الزمان كلاما حقيقيا، ومن أنكر ذلك أو شك فيه؛ فهو ممن يشك في إسلامه؛ لأنه لم يحقق الشهادة بأن محمدا رسول الله، ومن تحقيقها تصديق النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به من الغيوب الماضية والغيوب الآتية.
قال الله تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:«أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك؛ عصموا مني دماءهم وأموالهم؛ إلا بحقها، وحسابهم على الله» .