للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حراس الجنة: سلامٌ عليكم أيها المتقون الأبرار {طِبْتُمْ} أي طهرتم من دنس المعاصي والذنوب، فادخلوا الجنة دار الخلود، قال البيضاوي: وجواب «إذا» محذوف، للدلالة على أنَّ لهم من الكرامة والتعظيم، ما لا يحيط به الوصف والبيان قال ابن كثير: وتقديره إِذا كان هذا سُعِدوا، وطابوا، وسُرّوا وفرحوا بقدر ما يكون لهم من النعيم {وَقَالُواْ الحمد للَّهِ الذي صَدَقَنَا وَعْدَهُ} أي وقالوا عند دخولهم الجنة واستقرارهم فيها: الحمد لله الذي حقَّق لنا ما وعدنا به من دخول الجنة قال المفسرون: والإِشارة إلى وعده تعالى لهم بقوله

{تِلْكَ الجنة التي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً} [مريم: ٦٣] {وَأَوْرَثَنَا الأرض نَتَبَوَّأُ مِنَ الجنة حَيْثُ نَشَآءُ} أي وملَّكنا أرض الجنة نتصرف فيها تصرف المالك في ملكه وننزل فيها حيث نشاء، ولا ينازعنا فيها أحد {فَنِعْمَ أَجْرُ العاملين} أي فنعم أجر العاملين بطاعة الله الجنة {وَتَرَى الملائكة حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ العرش} أي وترى يا محمج الملائكة محيطين بعرش الرحمن، محدقين به من كل جانب {يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} أي يسبحون الله ويمجدونه تلذذاً لا تعبداً {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بالحق} أي وقُضي بين العباد بالعدل {وَقِيلَ الحمد لِلَّهِ رَبِّ العالمين} أي وقيل الحمد لله على عدله وقضائه قال المفسرون: القائل هم المؤمنون والكافرون، المؤمنون يحمدون الله على فضله، والكافرون يحمدونه على عدله قال ابن كثير: نطق الكون أجمعه، ناطقه وبهيمه، لله رب العالمين بالحمد في حكمه وعدله، ولهذا لم يسند القول إلى قائل، بل أطلقه فدل على أن جميع المخلوقات شهدت له بالحمد.

البَلاَغَة: تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:

١ - الطباق بين (تكفروا. . تَشْكُرُواْ) وبين {يَرْجُواْ. . ويَحْذَرُ} وبين {فَوْقِهِمْ. . وتَحْتِهِمْ} وبين {ضُرٍّ. . ورَحْمَةٍ} وبين {الغيب. . والشهادة} وبين {يَبْسُطُ. . وَيَقْدِرُ} وبين {اهتدى. . وضَلَّ} الخ.

٢ - جناس الاشتقاق {يَتَوَكَّلُ المتوكلون} [الزمر: ٣٨] وكذلك في قوله {أَحْسَنُواْ فِي هذه الدنيا حَسَنَةٌ} [الزمر: ١٠] .

٣ - الأسلوب التهكمي {لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النار} [الزمر: ١٦] إطلاق الظلة عليها تهكم لأنها محرقة، ولظلة تقي من الحر.

٤ - المقابلة الرائعة {وَإِذَا ذُكِرَ الله وَحْدَهُ اشمأزت قُلُوبُ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة. .} [الزمر: ٤٥] الآية فقد قابل بين الله والأصنام، وبين السرور والاشمئزاز، وكذلك توجد مقابلة بين آيتي السعداء والأشقياء {وَسِيقَ الذين كفروا إلى جَهَنَّمَ زُمَراً} وقابل ذلك بقوله {وَسِيقَ الذين اتقوا رَبَّهُمْ إِلَى الجنة زُمَراً. .} والمقابلةُ أن يؤتى بمعنيين أو أكثر، ثم يُؤتى بما يقابل ذلك على الترتيب وهو من المحسنات البديعية.

٥ - الإِيجاز بالحذف لدلالة السياق عليه {أَفَمَن شَرَحَ الله صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ على نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ الله أولئك فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} [الزمر: ٢٢] ؟ حذف خبره

<<  <  ج: ص:  >  >>