عِبَادِهِ} أي سنَّ الله ذلك سنةً ماضيةً في العباد، أنه لا ينفع الإِيمان إذا رأوا العذاب {وَخَسِرَ هُنَالِكَ الكافرون} أي وخسر في ذلك الوقت الكافرون بربهم، الجاحدون لتوحيد خالقهم.
البَلاَغَة: تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:
١ - الطباق بين {الذنب. . والتوب} وبين {أَمَتَّنَا. . وَأَحْيَيْتَنَا} وبين {صَادِقاً. . وكَاذِباً} وبين {غُدُوّاً. . وَعَشِيّاً} وبين {يُحْيِي. . وَيُمِيتُ} وبين {الأعمى. . والبصير} .
٢ - المقابلة {ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ الله وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ} [غافر: ١٢] فقد قابل بين التوحيد والإِشراك، والكفر والإِيمان وكذلك توجد المقابلة بين قوله تعالى {ياقوم إِنَّمَا هذه الحياة الدنيا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخرة هِيَ دَارُ القرار} [غافر: ٣٩] وهذه من المحسنات البديعية.
٣ - المجاز المرسل {وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السمآء رِزْقاً} [غافر: ١٣] أطلق الرزق وأراد المطر لأن الماء سبب في جميع الأرزاق، فهو من إِطلاق المسَّبب وإرادة السبب.
٤ - الاستعارة اللطيفة {وَمَا يَسْتَوِي الأعمى والبصير} [غافر: ٥٨] استعار الأعمى للكافر، والبصير للمؤمن.
٥ - المجاز العقلي {والنهار مُبْصِراً} [غافر: ٦١] من إسناد الشيء إلى زمانه، لأن النهار زمنٌ للإِبصار.
٦ - الكناية {يُلْقِي الروح مِنْ أَمْرِهِ} [غافر: ١٥] الروحُ هنا كناية عن الوحي، لأنه كالروح للجسد.
٧ - صيغ المبالغة مثل: «كذَّاب، جبَّار، سمعي، بصير، عليم» الخ.
٨ - الجناس الناقص {تَفْرَحُونَ. . وتَمْرَحُونَ} وكذلك {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [غافر: ٦٤] .
٩ - التأكيد بإِن واللم {إِنَّ الساعة لآتِيَةٌ} [غافر: ٥٩] .
١٠ - صيغة الحصر {مَا يُجَادِلُ في آيَاتِ الله إِلاَّ الذين كَفَرُواْ} [غافر: ٤] .
١١ - جناس الاشتقاق {أَرْسَلْنَا رُسُلاً} .
١٢ - طباق السلب {مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} .
١٣ - توافق رءوس الآيات مع السجن البديع، والكلام الذي يأخذ بالألباب، انظر روعة البيان، وتمعَّنْ قول القرآن وهو يتحدث عن مؤمن آل فرعون بذلك البيان الإلهي المعجز {وياقوم مَا لي أَدْعُوكُمْ إِلَى النجاة وتدعونني إِلَى النار تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ بالله وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ إِلَى العزيز الغفار} [غافر: ٤١٤٢] الخ الآيات الكريمة التي هي أجلى من عقود الجُمان.