اللغَةَ:{أَعْقَبَهُمْ} قال الليث: يقال أعقبت فلاناً ندامة إِذا صارت عاقبة أمره ذلك، ويقال: أكل أكلة أعقبته سقماً أي حصل له بها السقم قال الهذلي:
أودى بني وأعقبوني حسرة ... بعد الرقاد وعبرة لا تقلع
{سِرَّهُمْ} السر: ما ينطوي عليه الصدر {نَجْوَاهُمْ} النجوى: ما يكون بين شخصين أو أكثر من الحديث مأخوذ من النجوة وهو الكلام الخفي، كأن المتناجين منعاً إِدخال غيرهما معهما {يَلْمِزُونَ} يعيبون واللمز: العيب {المخلفون} المخلف، المتروك الذي تخلف عن الجهاد {الطول} الغنى {المعذرون} جمع معذر كمقصِّر وهو الذي يعتذر بغير عذر قال الجوهري: هو الذي يعتذر بالكذب وأصله من العذر وفي الأمثال «أُعذر من أنذر» أي بالغ في العذر من تقدم إِليك فأنذرك.
سَبَبُ النّزول: أ - «روي أن رجلاً يسمى ثعلبة جاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال يا رسول الله: ادع الله أن يرزقني مالاً فقال: ويحك يا ثعلبة قليل تؤدي شكره، خير من كثير، لا تطيقه، فقال: والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله أن يرزقني مالاً لأعطين كل ذي حق حقه، فلم يزال يراجعه حتى دعا له، فاتخذ غنماً فنمَت كما ينمو الدود، فضاقت عليه المدينة فتنحى عنها فنزل وادياً من أوديتها حتى جعل يصلي الظهر والعصر في جماعة ويترك ما سواهما، ثم نمت وكثرت حتى ترك الجمعة والجماعة، فسأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عنه فأخبروه يخبره فقال: يا ويح ثعلبة ثلاثاً، فأنزل الله {وَمِنْهُمْ مَّنْ عَاهَدَ الله لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ. .} الآية» فهلك في خلافة عثمان.
ب - عن ابن عمر قال:«لما توفي عبد الله بن أبي جاء ابنه إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ليصلي عليه، فقام عمر فقال يا رسول الله: أعلى عدو الله تصلي؟ فقال: أخر عني يا عمر إِني خُيرت فاخترت» فقيل لي {استغفر لَهُمْ} الآية ولو أعلم أني زدت على السبعين غفر له زدت، ثم صلى عليه ومشى معه وقام على قبره فما كان إِلا يسيراً حتى أنزل الله {وَلاَ تُصَلِّ على أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً ... } الآية.
التفسِير:{وَمِنْهُمْ مَّنْ عَاهَدَ الله} أي ومن المنافقين من أعطى الله عهده وميثاقه {لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ} أي لئن أعطانا الله من فضله ووسع علينا في الرزق {لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصالحين} أي لنصدقن على الفقراء والمساكين، ولنعملن فيها بعمل أهل الخير والصلاح {فَلَمَّآ آتَاهُمْ مِّن فَضْلِهِ} أي فلما رزقهم الله وأغناهم من فضله {بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ} أي بخلوا بالإِنفاق ونقضوا العهد وأعرضوا عن طاعة الله ورسوله {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ} أي جعل الله