من الله للمنافقين وتأدب منه لآخرين {وأولئك هُمُ المفلحون} أي وأولئك المسارعون إلى مرضاة الله هم الفائزون بسعادة الدارين {وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ} أي ومن يطع أمر الله وأمر رسوله في كل فعلٍ وعمل {وَيَخْشَ الله وَيَتَّقْهِ} أي ويخاف الله تعالى لما فرط منه الذنوب، ويمتثل أوامره ويجتنب زواجره {فأولئك هُمُ الفآئزون} أي هم السعداء الناجون من عذاب الله الفائزون برضوانه. . ذكر أن بعض بطارقة الروم سمع هذه الآية فأسلم وقال: إنها جمعت كل ما التوراة والإِنجيل.
البَلاَغَة: تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البلاغة والبديع نوجزها فيما يلي:
١ - إطلاق المصدر على إسم الفاعل للمبالغة {الله نُورُ السماوات} بمعنى منوِّر لكل بحيث كأنه عين نوره قال الشريف الرضي: وفي الآية إستعارة - على تفسير بعض العلماء - والمراد عندهم أنه هادي أهل السماوات والأرض بصوادع برهانه، ونواصع بيانه كما يهتدى بالأنوار الثاقبة والشهب اللامعة.
٢ - التشبيه التمثيلي {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} شبَّه نور الله الذي وضعه في قلب عبده المؤمن بالمصباح الوهّاج في كوة داخل زجاجة تشبه الكوكب الدري في الصفاء والحسن الخ سمي تمثيلياً لأن وجه الشبه منتزع من متعدد، وهو من روائع التشبيه.
٣ - الإِطناب بذكر الخاص بعد العام تنويهاً بشأنه {عَن ذِكْرِ الله وَإِقَامِ الصلاة} لأن الصلاة من ذكر الله.
٤ - جناس الاشتقاق {تَتَقَلَّبُ فِيهِ القلوب} .
٥ - التشبيه التمثيلي الرائع {والذين كفروا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ} الخ وكذلك في قوله {كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ} وهذا من روائع التشبيه وبدائع التمثيل.
٦ - الطباق بين {يُصِيبُ. . وَيَصْرِفُهُ} .
٧ - الاستعارة اللطيفة {يُقَلِّبُ الله الليل والنهار} إذ ليس المراد التقليب المادي للأشياء الذاتية وإنما استعير لتعاقب الليل والنهار.
٨ - الجناس التام {يَذْهَبُ بالأبصار} {لأُوْلِي الأبصار} المراد بالأولى العيون وبالثانية الألباب.
لطيفَة: سمع بعض علماء الطبيعة من غير المسلمين هذه الآية {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ. .} الآية فسأل هل ركب محمد البحر؟ فقالوا: لا فقال أشهد أنه رسول الله قالوا: وكيف عرفت؟ فقال: إنَّ هذا الوصف للبحر لا يعرفه إلا من عاش عمره في البحار، ورأى الأهوال والأخطار، فلما أخبرت أنه لم يركب البحر عرفت أنه كلام الله تعالى.