قال علماء البيان: والمطابقة هنا بالمعنى أبلغ من اللفظ لأنه عدول عن الفعل إلى الإِسم فيفيد الثبات فلو قال «أصدقت أم كذبت» لما أدَّى هذا المعنى لأنه قد يكذب في هذا الأمر ولا يكذب في غيره، وأما قوله {أَمْ كُنتَ مِنَ الكاذبين} فإِنه يفيد أنه إذا كان معروفاً بالانخراط في سلك الكاذبين كان كاذباً لا محالة فلا يوثق به أبداً.
٨ - التشبيه {كَأَنَّهُ هُوَ} أي كأنه عرشي في الشكل والوصف ويسمى «مرسلاً مجملاً» .
٩ - الاستعارة البديعة {قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} شبَّه سرعة مجيئه بالعرش برجوع الطرف للإِنسان، وارتدادُ الطرف معناه التقاء الجفنين وهو أبلغ ما يمكن أن يوصف به في السرعْة ومثله «وما أمرُ الساعةِ إلا كلمح البصر أو هو أقرب» فاستعار للسرعة الفائقة ارتداد الطرف.
١٠ - توافق الفواصل في كثير من الآيات، ولها وقعٌ في النفس رائع مثل {أَمْ كَانَ مِنَ الغآئبين}{أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ}{وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} إلى آخر ما هنالك.
لطيفَة: أخذ بعض العلماء من قوله تعالى {وَتَفَقَّدَ الطير} استحباب تفقد الملك لأحوال الرعية، وكذلك تفقد الأصدقاء، والإِخوان، والخلان وأنشد بعضهم:
سنَّ سُليمانُ لنا سُنَّةً ... وكان فيما سنْه مُقْتدى
تفقَّد الطيرَ على مُلْكه ... فقال: مالِيَ لا أرى الهُدْهد؟