الاعتبار الثالث: اعتباره مضافاً إلى العبد مقيداً به. فما لزم الاسم لذاته وحقيقته كان ثابتاً للرب والعبد، وللرب منه ما يليق بكماله، وللعبد منه ما يليق به. وهذا كاسم السميع الذي يلزم إدراك المسموعات، والبصير الذي يلزمه رؤية المبصرات، والعليم والقدير وسائر الأسماء؛ فإن شرط صحة إطلاقها حصول معانيها وحقائقها للموصوف بها، فما لزم هذه الأسماء لذاتها فإثباته للرب تعالى لا محذور فيه بوجه؛ بل يثبت له على وجه لا يماثل فيه خلقه ولا يشابههم، فمن نفاه عنه لإطلاقه على المخلوق ألحد في أسمائه، وجحد صفات كماله. ومن أثبته له على وجه يماثل فيه خلقه فقد شبَّهه بخلقه، ومن شبَّه الله بخلقه فقد كفر، ومن أثبته له على وجه لا يماثل فيه خلقه؛ بل كما يليق بجلاله وعظمته، فقد برئ من فرث التشبيه ودم التعطيل، وهذا طريق أهل السنة، وما لزم الصفة لإضافتها إلى العبد وجب نفيه عن الله، كما يلزم حياة العبد من النوم والسِّنة والحاجة إلى الغذاء ونحو ذلك. وكذلك ما يلزم إرادته من حركة نفسه في جلب ما ينتفع به ودفع ما يتضرر به. وكذلك ما يلزم علوّه من احتياجه إلى ما هو عالٍ عليه، وكونه محمولاً به، مفتقراً إليه، محاطاً به. كل هذا يجب نفيه عن القدوس السلام تبارك وتعالى، وما لزم صفة من جهة اختصاصه تعالى بها، فإنه لا يثبت للمخلوق بوجهٍ، كعلمه الذي يلزمه القدم والوجوب والإحاطة بكل معلوم وقدرته وإرادته وسائر صفاته، فإن ما يختصَّ به منها لا يمكن إثباته للمخلوق، فإذا أحطتَ بهذه القاعدة خبراً، وعقلتَها كما ينبغي، خلصتَ من الآفتين اللتين هما أصل بلاء المتكلمين: آفة التعطيل، وآفة