للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب - يراد بها إثبات صفة العين لله حقيقة على ما يليق بجلاله من غير تشبيه ولا تمثيل لها بعين المخلوقين، ولا تحريف لها عن مسماها في لغة العرب، فسياق الكلام لا تأثير له في صرف تلك الكلمات عن مسماها، وإنما تأثيره في المراد بالجمل التي وردت فيها هذه الكلمات، فالمقصود بهذه الجمل كلها هو:

أولاً: أمر نوح - عليه السلام - أن يصنع السفينة وهو في رعاية الله وحفظه.

وثانياً: أمر نبينا محمد عليه الصلاة والسلام أن يصبر على أذى قومه حتى يقضي الله بينه وبينهم بحكمه العدل، وهو مع ذلك بمرأى من الله وحفظه ورعايته.

وثالثاً: إخبار موسى عليه الصلاة والسلام بأن الله تعالى قد منّ عليه مرة أخرى إذ أمر أمّه بما أمرها به ليربيه تربية كريمة في حفظه تعالى ورعايته، ثم يدلّ على أن لله تعالى عينين كلمة - بأعيننا - في النصوص المذكورة في السؤال، فإن لفظ عينين إذا أضيف إلى ضمير الجمع جمع كما يجمع مثنى قلب إذا أضيف إلى ضمير مثنى أو جمع، كما في قوله تعالى:

{إِن تَتُوبَا إِلَى الله فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (١)، ويدل على ذلك أيضاً ما ورد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الله وعن الدجال ((من أن الدجال أعور)) (٢)، وأن الله ليس بأعور، فقد استدل به أهل السنة على إثبات العينين لله


(١) سورة التحريم، الآية:٤.
(٢) فعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما بُعِثَ نبيٌّ إلا أنذر أمته الأعور الكذاب، ألا إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور ... ))، أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب ذكر الدجال، برقم ٧١٣١، ومسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال وصفة ما معه، برقم ٢٩٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>