للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي كان وضعه لهم ونصبه قبل نزوله، والله - عز وجل - يوفق لاتّباع نوره من يشاء من عباده، ويُمثّل الأمثال والأشباه للناس، كما مثل لهم هذا القرآن في قلب المؤمن بالمصباح في المشكاة، وسائر ما في هذه الآية من الأمثال، وهو سبحانه يضرب الأمثال عن علم سبحانه - عز وجل - (١).

وذكر ابن كثير رحمه الله أن أُبي بن كعب - رضي الله عنه - قال في تفسير: {نُّورٌ عَلَى نُورٍ} [إيمان العبد وعمله]: ((فهو يتقلب في خمسة أنوار: فكلامه نور، وعمله نور، ومدخله نور، ومخرجه نور، ومصيره إلى النور يوم القيامة إلى الجنة)) (٢).

وتكلّم العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله على تفسير: {مَثَلُ

نُورِهِ} الذي يهدي إليه، وهو نور الإيمان والقرآن في قلب المؤمن

{كَمِشْكَاةٍ} أي كوة {فِيهَا مِصْبَاحٌ}؛ لأن الكوة تجمع نور المصباح بحيث لا يتفرق ذلك {الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ} من صفائها وبهائها {كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} أي مضيء إضاءة الدُّرّ، {يُوقَدُ} ذلك المصباح الذي في تلك الزجاجة الدرية {مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ}: أي يوقد من زيت الزيتون، الذي ناره من أنور ما يكون {لا شَرْقِيَّةٍ} فقط، فلا تصيبها الشمس آخر النهار، {وَلا غَرْبِيَّةٍ} فقط، فلا تصيبها الشمس أول النهار، وإذا انتفى عنها الأمران، كانت متوسطة من الأرض كزيتون الشام، تصيبه الشمس أول النهار وآخره، فيحسن ويطيب، ويكون أصفى لزيتها؛ ولهذا قال: {يَكَادُ زَيْتُهَا} من صفائها {يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ


(١) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، ١٩/ ١٨٨.
(٢) تفسير القرآن العظيم، ٣/ ٢٨١، وانظر: تفسير البغوي، ٣/ ٣٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>