للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني: لا يُشترط، لأن هذا مما يُتسامح فيه، فلا يشترط علمه بخلاف المال.

والأول أظهر، لأن الإنسان قد يسمح بالعفو عن غيبة دون غيبة، فإن كان صاحب الغيبة ميتًا أو غائبًا، فقد تعذر تحصيل البراءة منها، لكن قال العلماء: ينبغي أن يكثر من الاستغفار له والدعاء، ويكثر من الحسنات، وهو قول الحسن في الاقتصار على الاستغفار دون الاستحلال.

والدليل على ذلك ما روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " كفارة من اغتبتَ أن تستغفر له " (١).

وقال مجاهد: " كفارة أكلك لحم أخيك أن تثني عليه، وتدعو له بخير " (٢).

وصحح الغزالي قول عطاء في جواب من سأله عن التوبة من الغيبة، وهو: أن تمشي إلى صاحبك، فتقول: " كذبتُ فيما قلتُ وظلمتك وأسأت، فإن شئت أخذت بحقك، وإن شئت عفوت " (٣).

وأما قول القائل: (العِرض لا عوض له، فلا يجب الاستحلال منه بخلاف المال "، فكلام ضعيف، إذ قد وجب في العِرض حد القذف، وتثبت المطالبة به، بل في الحديث الصحيح ما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: " من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إِن كان له


(١) رواه ابن أبي الدنيا في " الصمت " رقم (٢٩١)، وضعفه العراقي في " المغني " (٣/ ١٥٠)، وانظر: " الحاوي " للسيوطي (١/ ١٧١).
(٢) " السابق " رقم (٢٩٢)، وإسناده ضعيف.
(٣) " السابق " رقم (٢٩٣) بسنده عن عطاء بن أبي رباح: (أنه سئل عن التوبة من الفِرْية؟ قال: ... ) فذكره، وإسناده ضعيف.

<<  <   >  >>