للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا كان الطالب يلازم شيخه ويقتدي به، ويتخلق بآدابه إلى جانب تضلعه من علمه وتزوده من معارفه، فمن ثَمَّ أثمر هذا النهج القويم طلاب علم يطيرون بجناحي العلم والعمل، ولا يقَال: " عالم " في الحقيقة إلا إذا كان عاملاً، فغير الجاري على مقتضى علمه هو والجاهل سواء، قال الشاعر:

وإذا الفتى قد نال علمًا ثم لم ... يعمل به فكأنه لم يعلم

عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع قال: " كنا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به " (١).

وسئل الإمام أحمد رحمه الله عن رجل يكتب الأحاديث، فيكثر، فقال: " ينبغي أن يكثر العملَ به على قدر زيادته في الطلب "، ثم قال: " سُبُل العلم مثل سُبل المال، إنْ المال إذا ازداد ازدادت زكاته " (٢).

وقالت أم سفيان الثوري له، وهي تعظه: " يا بني إذا كتبت عشرة أحرف، فانظر: هل ترى في نفسك زيادة في خشيتك وحلمك ووقارك، فإن لم تر ذلك، فاعلم أنها تضرك، ولا تنفعك " (٣).

وعن الحسن قال: " قد كان الرجل يطلب العلم، فلا يلبث أن يُرى ذلك في: تخشعه، وهديه، ولسانه، وبصره، وبره " (٤).

وعن إبراهيم بن إسماعيل قال: " كان أصحابنا يستعينون على طلب الحديث بالصوم " (٥).


(١) " اقتضاء العلم العمل " ص (٩٠).
(٢) " السابق " ص (٩٠).
(٣) " صفة الصفوة " (٣/ ١٨٩).
(٤) " شعب الإيمان " (٢/ ٢٩١).
(٥) " الجامع لآداب الراوي والسامع " (١/ ١٤٣).

<<  <   >  >>