للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فسكت) (١)

ولما زلَّ الإمام الحافظ وكيع بن الجراح زلة عالم فروى خبرًا منكرًا، فاتته فيه سكتة، كادت نفسه تذهب غلطًا، فاجتمعت قريش، وأرادوا صلب وكيع، ونصبوا خشبة صلبه، فجاء سفيان بن عيينة، فقال لهم: " الله الله! هذا فقيه أهل العراق، وابن فقيهه، وهذا حديث معروف "، قال سفيان: " ولم أكن سمعته إلا أني أردتُ تخليص وكيع ".

وكان قد رفع أمره إلى العثماني -متولّي مكة- فحبسه، وعزم على قتله، ونُصِبت خشبة خارج الحرم، وبلغ وكيعًا، وهو محبوس، قال الحارث بن صديق: فدخلتُ عليه لما بلغني، وقد سبق إليه الخبر، قال: وكان بينه وبين ابن عيينة يومئذ مُتباعَد، مقال لي: " ما أرانا إلا قد اضطررنا إلى هذا الرجل، واحتجنا إليه "، فقلت: " دع هذا عنك! فإن لم يدركك، قُتِلت "، فأرسل إلى سفيان، وفزع إليه، فدخل سفيان على العثماني، فكلَّمه فيه، والعثماني يأبى عليه، فقال له سفيان: " إني لك ناصح، هذا رجل من أهل العلم، وله عشيرة، وولدُه بباب أمير المؤمنين، فتشخص لمناظرتهم "، قال: فعمل فيه كلام سفيان، فأمر إطلاقه ..... (٢).

ولما اقتيد الإمام الشافعي مكبَّلاً بالحديد إلى بغداد سنة (١٨٤ هـ) إثر اتهامه زورًا بالتحريض ضد العباسيين، وناقشه الخليفة الرشيد، بحضور محمد بن الحسن الشيباني الذي كان قاضي بغداد في ذلك الوقت، والذي استأنس


(١) " تهذيب التهذيب " (٣/ ١٢٢)، و " سير أعلام النبلاء " (٦/ ١٩١).
(٢) " سير أعلام النبلاء " (٩/ ١٦٠، ١٦٣).

<<  <   >  >>