للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن عرف منه أنه أراد برده على العلماء النصيحة لله ورسوله، فإنه يجب أن يعامل بالإكرام والاحترام والتعظيم، كسائر أئمة المسلمين الذين سبق ذكرهم وأمثالهم ومن تبعهم بإحسان، ومن عرف أنه أراد برده عليهم التنقيص والذم، وإظهار العيب، فإنه يستحق أن يقابل بالعقوبة ليرتدع هو ونظراؤه عن هذه الرذائل المحرمة.

ويُعرف هذا القصد تارة بإقرار الرادّ واعترافه، وتارة بقرائن تحيط بفعله وقوله ... ) (١).

* وإن أخطأ العالم في الجواب، فلا يرد عليه في الحال، ولا يبادر بالتصحيح إلا حيث يتعين عليه ذلك كما سيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى.

قال الإمام وهب -من أجَلّ أصحاب الإمام مالك-: (سمعت مالكًا سئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء؟ فقال: " ليس ذلك على الناس " قال ابن وهب: فتركته حتى خَفَّ الناس -أي: انصرفوا- فقلت له: " عندنا في ذلك سنة "، فقال: " وما هي؟ " قلت: حدثنا الليث بن سعد وابن لهيعة وعمر وابن الحارث عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن المستورد بن شداد القرشي قال: " رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدلُك بخنصره ما بين أصابع رجليه "، قال مالك: " إن هذا الحديث حسن، وما سمعت به قط إلا الساعة "، ثم سمعته بعد ذلك يُسأل فيأمر بتخليل الأصابع) (٢).

وقال العلامة ابن العربي في " أحكامه ": أخبرني محمد بن قاسم العثماني غير مرة؛ قال: (وصلت الفسطاط مرة، فجئت مجلس الشيخ أبي الفضل


(١) " الفرق بين النصيحة والتعيير " ص (٢٥ - ٢٦).
(٢) " تقدمة الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم ص (٣١).

<<  <   >  >>