للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان في يد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - سواك فأراد أن يعطيه بعض من حضر، فقال جبريل: " كبِّر كبِّر "، فأعطاه الاكبر، وقد يكون الكبير في العلم أو الدين، فيقدم على من هو أسن منه) (١) اهـ.

وعن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: (أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن شبَبَة متقاربون -أي شباب متقاربون في السن-، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رحيمًا رفيقًا، فظنَّ أنا قد اشتقنا أهلنا، فسألنا عمن تركنا من أهلنا؟ فأخبرناه، فقال: " ارجعوا إِلى أهليكم، فأقيموا فيهم، وعلموهم، ومروهم، فإِذا حضرت الصلاة؛ فليؤذن لكم أحدكم، ثم ليؤمكم أكبركم " (٢).

وعن أبي مسعود رضي الله عنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يؤم القومَ أقرؤهم لكتاب الله، وأقدمهم قراءة، فإِن كانت قراءتهم سواء فليؤمهم أقدمهم هجرة، فإِن كانوا في الهجرة سواء فليؤمهم أكبرهم سنًا ... " (٣) الحديث.


(١) " فيض القدير " (٣/ ٢٢٠).
(٢) أخرجه البخاري (١/ ١٥٥)، ومسلم (١/ ٤٦٥، ٤٦٦)، واللفظ له.
تنبيه:
يقدم الأكبر سنًّا في الإمامة على من ليس بأقرأ ولا أفقه، ولا أقدم هجرة، ولا أقدم إسلامًا على الترتيب، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإِن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواءً فأقدمهم هجرة، فإِن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سِلْمًا- وفي رواية: سِنًّا ... " الحديث.
وإنما جعل - صلى الله عليه وسلم - الإمامة -في حديث مالك بن الحويرث- للأكبر سنًّا، لأنه رضي الله عنه وأصحابه كانوا متساوين في الهجرة، والإقامة، وغرضهم بها، ومع ما في الشباب غالبًا من الفهم، وهذا دال على استوائهم في القراءة والتفقه في الدين، وانظر: " فتح الباري " (٢/ ١٧٠).
(٣) رواه مسلم (١/ ٤٦٥).

<<  <   >  >>